الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عصيان السودان مدرسة جديدة في عالم السياسة والثورات


عندما دعت قوة سياسية سودانية معارضة فى نوفمبر الماضى لعصيان مدنى كانت محل استهزاء وأخذت الطرائف والنكات العربية تخرج على الداعين وقالوا إن المعارضة والساسة السودانيين عندما فكروا فى الاعتصام اعتصموا فى المساجد ليناموا إشارة إلى الكسل الذى يرمى به هذا الشعب المثقف.. ولكن الصحيح أن الشعب السودانى له باع طويل فى الثورات وليس صحيحًا أن الشعب السودانى جديد عليه السياسة أو الثورات بل إنه قاد عدة ثورات توجت بانتصارات شعبية كبيرة أسست لديمقراطية فريدة فى أفريقيا والعرب ولكن سرعان ما كانت تنتهى بانقلاب عسكرى.
لكن هذه المرة الأمر كبير جدًا وذلك أن السودان بعد ثورة الإنقاذ وللتذكير ثورة الإنقاذ الوطني بالسودان بدأت بانقلاب عسكري قاده المشير عمر البشير وكان وقتها برتبة عميد وكان أحد كوادر الجبهة الإسلامية القومية المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين بالجيش السوداني أطاح بالحكومة الديمقراطية المنتخبة والتي كان يترأس مجلس وزرائها السيد الصادق المهدي ويترأس مجلس رأس الدولة السيد أحمد الميرغني.

لم يكن توجهات القيادة الجديدة ظاهرة للداخل أو الخارج فكل المعلومات كانت تشير إلى أن هناك انقلاباً عسكرياً حتى فى مصر لم يكن معلومًا توجه الانقاذيين الإسلامى واعتبرت كل التقارير فى مصر أن قيادات الثورة الجديدة هم من أصدقاء مصر ولكن سرعان ما انكشف وجه القيادة الجديدة لدى العامة فى الداخل السودانى والخارج على أن توجهه الصريح أنها حركة إسلامية مما أدى إلى خيبة الأمل فى أن يتوقف القتال فى الجنوب وفيما بعد أظهرت القيادة الثورية الجديدة هويتها الإسلامية وظهرت تصريحات من قادتها تؤكد تلك الهوية وانتمائها للجماعة الإسلامية في السودان وظهر الأمر أكثر بعد إطلاق سراح الترابي وتقلده لمناصب مهمة في الدولة كان آخرها رئيس المجلس الوطني ومن التصريحات المهمة ما صرح به الرئيس عمر البشير الذى قال فيه إن ثورة الإنقاذ الوطني لا تعرف الفصل بين الدين والسياسة والموضوع غير قابل للنقاش وكتب النيل أبو قرون قيادي بارز بالحركة الإسلامية آنذاك النظام الإسلامي هو الأمثل.. والأحزاب سبب كوارث السودان والحزبية شرك بالله.
  • عودة لدعوة العصيان المدنى 
برغم تشكيك المراقبين السياسيين فى دعوات العصيان المدنى فى نوفمبر الماضى إلا أن دعوات العصيان المدنى نجحت وأصبح المعارضة الكيبوردية محل اهتمام بل أجبرت القيادة السياسية بل ورأس السلطة على وصفهم بمعارضى الكيبورد إشارة إلى أن المعارضة تتم فقط من خلال الإنترنت وليس لهم شعبية على الأرض أو فى الشارع السودانى ولكن الغريب أن الرئيس السودانى عمر البشير دعا المعارضة أن تنزل الشارع وتواجهه بل وزاد عن ذلك فى مؤتمر حاشد له فى مدينة كسلا تحدى المعارضة بجملة صريحة بأنهم لن يستطيعوا إزاحته من الحكم لكن رد فعل المعارضة كانت بدعوة للعصيان المدنى تكون بدايته فى الـ 19 من ديسمبر.

ومما سبق يتضح لنا أن المعارضة السودانية تواجه أيديولوجية إسلامية متينة أسست لها بكل حكمة وتوغلت جذورها فى باطن الأرض السوداني ليصبح محاولة اقتلاعه من جذوره مغامرة كبيرة تهدد أمن وسلامة السودان بأكمله وذلك لأنه أصبح هناك مجموعات مسلحة فهناك أكثر من 30 حركة ومجموعة مسلحة تناهض القيادة السودانية لانتزاع السلطة منها أو إجبارها على تبنى سياسات ثقافية أو اقتصادية تساوى بين كل شرائح المجتمع السودانى وكذلك السلطة دعمت ميليشيات ومجموعات مسلحة منها جماعة الجنجويد المسلحة التى تتكون من عدة قبائل تدعى انتماءها العربى.
وللأسف عندما دعت المعارضة السودانية فى 2013 للنزول فى مظاهرات إلى الشارع بصدور عارية قابلتهم الأمن وهذه الميليشيات بالرصاص الحى أودت بحياة العشرات من الشباب السودانى.
 
وإذا ما فرضنا جدلًا أن المعارضة السودانية انتصرت بدعوتها للعصيان المدنى على السلطة فى السودان كيف ستسيطر على هذه الميليشيات المسلحة التابعة والمدعومة من النظام أم أن هذه الدعوات جل طموحها إجبار النظام على التخلى من السياسات التقشفية الحالية التى بسببها بدأت الاحتجاجات من خلال "الكيبورد".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط