الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مارتينا مدحت تكتب : "لم يخبرونا‎"

الكاتبة مارتينا مدحت
الكاتبة مارتينا مدحت

هم لم يخبرونا بحقيقة أن تكون شابا فى مقتبل العُمر عليه أن يخوض حربًا داخلية يومية قبل خوضها فى الخارج أيضًا، لو لم يسحبونا غصبًا إلى هذه الكهولة المبكرة، ربما لصرنا أكثر قدرة على المواجهة، أكثر حبًا للانفتاح وبُغضًا للعزلة، فالانكسارات كثيرة وتحاوطنا مثلما تحاوط الضلوع القلب، بجانب ما تولده من شعور خانق بأن قلوبنا الشابة قد شابت أو بالأحرى فى طريقها إلى ذلك؛ مؤلم، لكن لا ضير فى ذاك، المشكلة الحقة تكمن فى انحصارنا داخل هذه الدائرة المفرغة وهذا الشعور الأجوف.

وهذا القلب الموعود بالحياة لا بد من عودته - مرة أخرى - سليمًا، بالرغم من كل ما يراه ويعاصره ويحاصره، كل ما يجليه من حين لآخر ويغلفه باللامبالاة، كنوع من الحيل الدفاعية اللاشعورية لمحاولة الاستمرار والدفاع عنه ضد ما يهشمه.

موعودا بالنقاء وكل ما هو جميل، موعودا بأن يتجدد ثانية بعدما شعرت بانقباضه وميتاته العديدة، فكما قال جبران خليل جبران فيما قبل إن الانسان لا يموت دفعة واحدة، وإنما يموت بطريقة الأجزاء، كلما رحل صديق مات جزء، وكلما غادرنا حبيب مات جزء، وكلما قُتل حلم من أحلامنا مات جزء، فيأتي الموت الأكبر ليجد كل الاجزاء ميتة فيحملها ويرحل، وبالرغم ما يحمله القلب من أعباء، سيُكمل ما بدأه ما تمنى أن يصبحه، نحن نضل الطريق أحيانا كثيرة محاولين الابتعاد عن كل ما استطاع المساس بسلامهم النفسى وأحلامهم والصورة التى رسموها لأنفسهم وشوهها الزمان، محاولين الهروب من الطريق الذى ساروا فيه فصاروا ما هم عليه اليوم.

بداخلى يقين لا يسمح باليأس من روح الله، لا يشكك فى وعوده، يقين بأن هذا الزحام من حولى لا يكفى وحدتى وأن الوِجهة التى أريد الوصول إليها سأنالها وإن طال الوقت، وأن هذا القلب - ومع هشاشته - سيزداد صلابة وليس قسوة، تماسكًا وليس كبرياء، سيتسلم حقه الكامل فى الطمأنينة والسكينة ويُنحى خوفه جانبا.