الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسام الخولي يكتب: مولانا والقفز عبر حلقات النار

صدى البلد


أفلت فيلم مولانا من أكثر الفخاخ التي تفرض نفسها علي الأفلام من هذا النوع في بلادنا .. و إن لم يفلت منها كلها ..

لا يمكن للناقد أو المشاهد أن يعزل نفسه بشكل كامل أو أن يقوم بتحييد البيئة السياسية و المجتمعية التي أنتج فيها هذا الفيلم , بهدف تقييمه كعمل سينمائي بالمعايير الفنية المجردة .. هذا لأن السؤال الأكثر إلحاحا علي المتلقي يبقي عن الكيفية التي عبر فيها صناع العمل بفيلمهم من النص الروائي إلي شاشة العرض في هذه الأجواء المعبأة بالاحتقان و التربص ما بين فصائل و كتل و أفكار و توجهات شتي في مجتمعنا ..

الفيلم يحكي قصة و يتبع رحلة صعود إمام أزهري إلي آفاق الشهرة و الثراء .. بجاذبية الخطاب الذي يقدمه و اعتدال فكره و كاريزميته .. هذا الصعود الذي يسلط عليه الأضواء يتسبب أيضا في وضعه تحت أعين الأجهزة الحاكمة و المتحكمة في الدولة في فترة ما قبل الخامس و العشرين من يناير 2011 .. مما يتسبب له في أزمات عديدة تضعه في مواجهة الكثيرين و بالأخص في مواجهة نفسه و اختبار مدي إيمانه بالمبادئ التي يدعو لها ..

إخراج مجدي أحمد علي ربما كان نقطة القوة الأبرز في الفيلم .. يقوم بتضفير المشاهد من أزمنة مختلفة و أوقات لا تتبع تسلسل خطي بالضرورة , يقوم بالحفاظ علي الإيقاع و التكثيف في قصة كان من الممكن مع مخرج آخر أن تطول كثيرا و تفقد البوصلة و تدخل المشاهد معها في متاهة .. يستخدم ممثليه و الإمكانيات المتاحة له و النص الذي قام أيضا بتحويله إلي سيناريو من رواية إبراهيم عيسي من أجل أن يخرج بأقل قدر ممكن من النمطية و أكبر قدر من إفساح المجال للأفكار و التفاصيل التي من الممكن أن تصدم البعض أو تثير الاستياء في أكثر من دائرة سواء داخل السلطة أو خارجها ..

ربما كانت المشكلة الأبرز في الفيلم هي أنه يفتقر لأزمة حقيقية ..فهو عبارة عن مجموعة متسلسلة من الأزمات الصغيرة و منها ما هو أشبه بأخبار صحف ال "تابلويد " الفضائحية .. و الخطوط الدرامية التي يتبعها لا تذهب به في اتجاه أي ذروة فعلية لتخرج منها باستنتاج أو حل .. عدا الكلمة الخطابية التي قدمها بطله في النهاية والتي كانت أشبه بدعوة لنبذ الحلول المستهلكة و إدانة للأساليب التقليدية في التعامل مع مشاكل مجتمعنا السياسية و الفكر العقيم الذي لا يأتي بجديد , و من الممكن أن نعتبر البناء المؤدي لها هو أقرب ما يمكن للتأزم المؤدي إلي الذروة .. إلا إن النهاية المفتوحة كانت من الممكن أن تكون أقوي من هذا بكثير ..

يبقي أن فريق العمل قدم فيلما متوازنا لم يسقط في حفرة أن يتحول إلي مانفستو سياسي مباشر من أي نوع و لم يتخلى عن أن يقدم لمشاهديه القدر الكافي من المتعة التي من المفترض أن يقدمها العمل السينمائي .. و إن كان قد وجه إدانات حادة لأساليب عصر ما قبل يناير تتفق مع التوجه الفكري لكاتب قصته بطبيعة الحال .



















-