الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يشرب الجولاني القهوة مع البغدادي؟


تشهد الساحة السورية العديد من الأحداث المتسارعة والمتغيرات الداخلية التي تلتقي مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وأبرز هذه الأحداث وضع أبناء القاعدة، أي داعش وجفش (جبهة فتح الشام التي كانت سابقا جبهة النصرة) في كفة واحدة، واعتبارهما الورم الخبيث الذي يجب اقتلاعه لتتعافى الأرض السورية مما ابتلاها من قتل ودمار.

فداعش سبق للمجتمع الدولي وأن اتفق على إنهاء وجوده، وبدء الخطوات الجادة من خلال التحالف الدولي العسكري الداعم لقوات سوريا الديمقراطية ومعها قوات حماية الشعب والمرأة الكرديتين، وفي الفترة الأخيرة استطاعت هذه القوات تخطي عقبة إثارة النعرات القومية وبدأ آلاف الشباب العرب وأبناء العشائر الالتحاق بصفوفها للقضاء على وجود داعش في الشمال السوري.

أما جفش، فكانت طيلة الفترة الماضية تحاول اللعب في الوقت البدل عن ضائع من خلال تغيير اسمها وإعلان فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة للإيحاء بأنها معارضة معتدلة تمثل السوريين وتطلعات الشعب السوري بغطاء إسلامي وسطي، إلا أنه من الواضح أن كل محاولاتها فشلت فشلا ذريعا، وباتت إطلالات الجولاني التليفزيونية مجرد مسرحيات هزلية لا جمهور لها إلا فيما ندر.

فها هي الآن جفش أصبحت وجها لوجه مع باقي الفصائل السورية، وقوام قوتها العناصر الأجنبية والعربية المنضوية في صفوفها، حيث لم تكد صالات الاجتماعات في أستانة تقفل أبوابها حتى تسرب ما تسرب من اتفاقات مع الفصائل المدعومة من تركيا، والتي تم الإيعاز لها بالبدء بالمعركة المفتوحة مع جفش، أو على الأقل رسم خطوط مناطق سيطرتها بعد أن كانت متداخلة مع باقي الفصائل، حيث بهذه الطريقة سيتم أيضا غربلة باقي الفصائل، قسم سيرفض جفش، وقسم سينحاز إلى جانبها، وبالتالي تصبح عمليات القصف الجوي والإنزالات متاحة أمام القوات الدولية، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وربما أيضا تركيا.

وبعد ثلاث سنوات من التناحر والخصام والسباق على احتلال الأراضي السورية، بات كل من داعش وجفش في كفة واحدة يواجهان عدوا واحدا، وبات مصيرهما واحدا بشكل تام وكامل، ما يدفع للتساؤل عن الفترة التي سيقضيها الفريقان اللذان خرجا من رحم تنظيم القاعدة إلى أن يعودا إلى التوأمة الحقيقية والفاعلة على الأرض إنقاذ الوجود، فكلا التنظيمين أصبح بحاجة لدعم الآخر لتأمين وجوده.

فلو حصل هذا الأمر، وهو متوقع بعد رفع الأغطية الدولية والإقليمية عن جفش، فالمعركة ستكون أشرس من قبل، فالتحالف الدولي وضع خططه الزمنية للمعركة مع داعش وحده، والتي تحتاج لأشهر طويلة قبل التغلب عليه في سوريا والعراق، وبالتالي فإن دخول جفش على الخط سيطيح بهذه الخطط مع تمدد رقعة العمليات، خصوصا أن أمر مهم يجري في الكواليس ربما يقلب المعادلات على الأرض.

فالفصائل المعارضة التي جاهرت بعداء جفش ارتمت بحضن حركة أحرار الشام، والتي قامت في الأساس على أسس الفكر السلفي الجهادي الذي يتلاقى مع أفكار تنظيم القاعدة، حتى أن مؤسس حركة أحرار الشام حسان عبود ليس ببعيد فكريا عن تنظيم القاعدة، ورغم التحولات والتحالفات الكثيرة التي قامت بها الحركة منذ الإعلان عن نشأتها، ورغم المعارك بينها وبينها جفش والخلافات الكثيرة، إلا أن مخاوف كثيرة تسود في الكواليس من الاتجاه الذي ستسلكه الحركة إذا ما انفجرت الأوضاع، خصوصا أنها لا تزال للآن في موقف الحياد بالنسبة للمعارك الجارية بين جفش وباقي الفصائل.

مواقع داعش بدأت تهاجم الفصائل المعادية لجفش وتصفهم بالصحوات الجديدة، فهل ستكون هذه العناوين تمهيدا لفنجان القهوة العربي الذي سيشربه كل من الجولاني لبغدادي؟

وللحديث تتمة...
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط