الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الصومال بين قسوة الطبيعة والانتهازية الدولية


عندما نتحدث عن الصومال فنحن أمام نموذج تتجسد فيه كل معاني فشل الدولة وكذلك نتحدث عن مدركات داخل العقول تؤكد وتكرس لمشاهد المجاعات التي طالت هذه الدولة مع شدة التحفظ على لفظ الدولة، لأن الصومال لا يمكن اعتبارها دولة بالمعني السياسي والقانوني معا لأن أركان الدولة تحللت اللهم إلا من ركن الاعتراف الدولي المقصود منه بقاء الدولة علي حالها لأغراض سياسية واقتصادية معا.

تعتبر دولة الصومال إحدي دول القرن الأفريقي الذي يتمتع بأهمية جيوإستراتيجية علي واقع تحكم دول الإقليم في طريق التجارة العالمي عبر باب المندب ، ولا تقتصر الأهمية علي ذلك فحسب ولكن موارد الإقليم أصبحت مطمعا للدول الكبري وخاصة الموارد البترولية ، لذلك لم يكن مستغربا صعود الاهتمام الدولي والإقليمي بمنطقة القرن الأفريقي في الآونة الأخيرة ولاسيما الصومال نظرا لطول سواحلها علي المحيط الهندي ، وعلي الرغم من معاناة تلك المنطقة من قسوة المناخ والجفاف بالإضافة إلي الصراعات الممتدة علي تنوعها التي تضرب دول الإقليم داخليا وإقليميا وأبرز هذه الصراعات الصراع التاريخي بين الصومال وإثيوبيا وصراعات الحدود بالإضافة إلي الصراعات علي الموارد داخل هذه الدول والصومال تحديدا يكون الصراع حول المياه ومناطق الرعي.

ومن هنا نتحدث عن أن الصومال الدولة الأمة التي يتجمع الناس فيها علي ولاء ديني واحد وتنوع قبلي لو أحسن استغلاله لكانت الصومال في مكان آخر الآن فالانقسام ضرب هذه الدولة منذ ولادتها مع فقدان الشرعية السياسية بين النخب الحاكمة والشعب ، لذلك كانت العودة للولاءات القبلية دون المركزية في ظل تكريس النخب الحاكمة لتشخيص السلطة وعدم العدالة والتمييز القبلي فكانت الصراعات التي أدمت حال الدولة ومازالت.

لقد كانت الصومال دولة زراعية ورعوية بالأساس وكانت تحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء حتي السبعينيات وكانت هناك وزارة للماشية وكان يتم الاعتماد علي الثروة الحيوانية الصومالية كمورد أساسي للماشية والخراف للمملكة العربية السعودية في مواسم الحج والعمرة ، وهنا نتساءل ما الذي حدث؟ وما حدث هو وجود فائض عالمي من الحبوب تم توريدها للصومال علي شكل معونات ومن تم تشريد آلاف الفلاحين وتدمير الزراعة مع تشجيع زراعة محاصيل أخري مثل الفاكهة والخضراوات والقطن ، وطبيعيا أن تنهار الحرفة الثانية وهي الرعي في الصومال نظرا لأنها مرتبطة بالزراعة وتمت خصخصة القطاعات الخدمية في الزراعة وكذلك القطاع الحيواني أيضا وانعدمت الخدمات البيطرية وتحللت الدولة وانهار الاقتصاد الصومالي فهل كان ذلك من فعل الطبيعة؟؟؟

في النهاية كان للطبيعة بجفافها وشدة الحرارة ونوبات التصحر الشديدة دور ما في حدوث الفقر والمجاعات في دول القرن الأفريقي عامة والصومال علي وجه الخصوص إلا أن تدافع القوي الدولية عقب إعلان الأمم المتحدة المجاعة في الصومال لم يكن تدافعا إنسانيا ولكن حضورا سياسيا للسيطرة وبسط النفوذ بل ذهب البعض لاختراع ظواهر من شأنها الحفاظ علي التواجد وبسط النفوذ وأقصد هنا ظاهرة القرصنة التي سيكون لنا فيها حديث آخر فيما بعد، وتعددت القواعد العسكرية من خلال الولايات المتحدة وبعض الفاعلين الجدد مثل الصين وإيران وتركيا ، أما عن الوضع الداخلي فالرؤية المستقبلية تؤكد علي تراجع حلم القومية الصومالية والسبب النخب السياسية والصراع العشائري وانقسام الدولة مع تدعيم دولي لهذا المشهد الذي يكرس لكل قيم الانتهازية وليست الإنسانية كما يزعمون.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط