الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"التبرعات" سبب خراب المحليات


عزيزى المواطن إذا كنت تريد تبوير قطعة أرض زراعية وتقسيمها إلى مبانى، أو كنت تريد الاستيلاء على قطعة أرض أملاك الدولة، فما عليك إلا الذهاب إلى الوحدة المحلية المختصة معربًا عن استعدادك للتبرع بأى مبلغ مالى يطلبه منك المسئولون بالوحدة، ولن تنتظر كثيرًا فبعد غمضة عين وانتباهتها ستجد أمامك قائمة من الطلبات التى تحتاجها الوحدة المحلية لتسيير دولاب العمل بداية من بطارية لسيارة رئيس الوحدة ومكتب خشبى معتبر لسكرتير الوحدة، مرورًا بقائمة كشافات الإنارة وإجراء "عمًرة " لـ "لودر" المدينة المعطل.

وبالطبع قيمة التبرع تتضاعف بأهمية الطلب، ولن تطول حيرتك فسرعان ما تجد الموظف الهمام يطلب منك مبلغ مالى محدد قائلًا: "لا تشغل بالك.. أدفع مبلغ كذا ونحن سنشترى طلبات صيانة السيارة والبطارية ألخ.."، وبالطبع تذهب هذه الأموال إلى جيوب الموظفين المرتشين ورؤساء الوحدات المحلية الفاسدين الذين لهم حظ معلوم فى كل مليم يتم جمعه.

وبسبب هذه الرشوة المقننة التى يتم جمعها تحت مسمى التبرعات تحولت آلاف الأفدنة من أجود الأراضى الزراعية إلى كتل خرسانية ومبانى ومنشآت ومدارس خاصة ومطاحن ومزارع دواجن وغيرها.

وقد زادت حدة التعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة بعد ثورة 25 يناير، فى الوقت الذى اكتفى فيه مسئولو المحليات بحماية أنفسهم من المساءلة القانونية بتحرير محاضر ثلاثية وهمية يتم تقديمها فقط للأجهزة الرقابية فى حالة كشف هذه المخالفات.

وبسبب آفة التبرعات، تحولت غالبية المدن بالمحافظات إلى ناطحات سحاب، فى شوارع ضيقة لا يتجاوز عرضها ستة أمتار، ولعل ما نشهده فى الإسكندرية والجيزة خير مثال، طالما أن رئيس الحى مكتبه مفتوح لتلقى التبرعات لدفع مرتبات وأجور العمالة المؤقتة، وطالما أن هناك مقاول مستعد لعمل "عجين الفلاحة" لرئيس الحى حتى يتركه يبنى فى جنح الظلام.

ولسد هذه الثغرة التى باتت كالسرطان فى جسد المحليات، يجب أن يقوم وعلى الفور الدكتور أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية بإصدار قرار فورى يتم تعميمه على جميع محافظات مصر، يحظر تلقى أى وحدة محلية أو مدينة أو حى تبرعات من المواطنين تحت أى مسمى، ويتم تعليق هذا القرار فى مدخل كل وحدة محلية وفى جميع أدوار مبانى المدن والأحياء حتى يتم غلق بالوعة الفساد هذه التى تنخر فى أوصال الدولة المصرية وتدمر أرضها الزراعية الخصبة وتشوه جمال مدنها بالمبانى العشوائية والمخالفة.

وقبل كل شيء يجب توفير المعدات اللازمة للوحدات المحلية وأجهزة حماية الأراضى حتى تقوم بدورها بدلًا من تلقى التبرعات بحجة إصلاح وصيانة هذه المعدات.

وفى النهاية أتمنى أن يخرج قانون الإدارة المحلية الجديد إلى النور فى أقرب فرصة ممكنة لنرى المجالس الشعبية المحلية تقوم بدورها، خاصة أن هذا التشريع يقضى بسحب الثقة وإسقاط أى محافظ أو أى مسئول تنفيذى بالمحليات يثبت ارتكابه لأية وقائع فساد بعد سنوات طويلة كان فيها المحافظون أباطرة وممنوع الاقتراب منهم، وكان بعضهم يتصرف وكأن المحافظة عزبة خاصة له ولأسرته ولجميع المقربين منه ولكن هل يأتى اليوم الذى ينجح فيه أى مجلس محلى فى محافظة ما فى إسقاط محافظ فاسد بالوقائع والمستندات.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط