الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"عون" في القاهرة.. أهلا وسهلا


تستعد القاهرة لاستقبال ضيفها الرفيع المستوى الرئيس اللبناني المنتخب منذ فترة وجيزة ، والوفد المرافق له، بزيارة لها الكثير من الأهمية كونها أتت بعد طول انتظار، وكونها ستؤسس لإعادة العلاقات بين القاهرة وبيروت الى الحالة الطبيعية أو على الأقل الى جزء مما كانت عليه في السابق.

لا شك بان المتغيرات الدائمة على الساحة المحلية اللبنانية كان لها الأثر السلبي الكبير على مسار العلاقات بين قصري بعبدا والاتحادية، فمرت العلاقة بموجات من الارتفاع والهبوط، فهبطت الى مستويات متدنية أيام الرئيس السابق اميل لحود، وعادت لترتفع مع الرئيس السابق ميشال سليمان، وها هي الآن تقف عند مفترق الطرق في عهد الرئيس الجديد.

وليس خافيا بان انتشار حزب الله في لبنان وسيطرته على مفاتيح السياسة الداخلية والخارجية كان له أثر سلبي في العلاقة بين الدولتين، ووصلت الأمور الى قمة التوتر بعد الكشف عن خلية حزب الله التي كانت تراقب وتخطط لأعمال أمنية في منطقة قناة السويس.

لكن القاهرة وبعد التخلص من حكم الإخوان تصرفت بمنتهى الحكمة تجاه الملف اللبناني، حيث لم تنقطع الزيارات المكوكية للسياسيين المصريين الى بيروت وعلى رأسهم وزير الخارجية سامح شكري، الذي استطاع ولأكثر من مرة اختراق التوتر السياسي في لبنان وجمع الفرقاء السياسيين خلال فترة أزمة الفراغ الرئاسي لتقريب وجهات النظر، دون الانحياز الى جانب طرف دون الآخر، وهو الأمر الذي أعاد الثقة الكبيرة الى الدبلوماسية المصرية الحكيمة بفترة تعتبر قياسية في الميزان الدبلوماسي.

وفي نفس الوقت فالعديد من السياسيين اللبنانيين لم ينقطعوا عن القاهرة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، والرئيس السابق امين الجميل، والعديد من النواب والوزراء، أما رجال الأعمال اللبنانيين فلهم حضور ومكانة كبيرين في السوق المصري على الصعيدين الحكومي والخاص.

كثيرة هي الملفات التي من الممكن أن تطرح بين البلدين خلال الزيارة الرئاسية، أولها تنشيط العلاقات الثنائية، ثم تقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالوضع في سوريا، ومن المتوقع أن يكون للعلاقات الاقتصادية نصيبا وافرا خلال المباحثات لتنشيط الحركة بين البلدين، أما الملف المشترك والأهم فسيكون الإرهاب وانتشاره وامكانية التعاون في هذا المجال والاستفادة من الخبرات المصرية بعد الحرب الشرسة التي تخوضها مصر في سيناء، ومن المتوقع زيادة عدد ضباط وعناصر الجيش اللبناني الذين يخضعون للدورات التدريبية في مصر، للمساعدة في تأهيل الجيش اللبناني لمكافحة الإرهاب وتدريبه على أحدث الوسائل المتاحة عسكريا، بالإضافة الى تبادل المعلومات الاستخباراتية للعمل المشترك على ملاحقة المطلوبين أمنيا، وبشكل خاص اولئك الموضوعين على لوائح الإرهاب السوداء.

وهنا لا بد من الإشارة الى الاهتمام المصري بضرورة التهدئة في لبنان لا يعود فقط الى تاريخية العلاقة الإيجابية بين البلدين، بل يعود الى إصرار القاهرة على قاعدة هامة وهي أن لبنان الأمن البعيد عن التوترات سيكون صمام الأمان للمنطقة العربية ككل، أما لبنان الذي يشهد التوتر الدائم والمقبل على الانفجارات فمن شأنه ان يشعل فتيل المنطقة بأكملها، خصوصا وأن لبنان حاليا أصبح على تماس حقيقي مع الإرهاب، ومن الضروري تهدئة الأوضاع الداخلية لمواجهة الإرهاب بكافة أشكاله، ونفذت القاهرة التهدئة والسعي ورائها من خلال الوقوف على مسافة واحدة من الجميع طيلة الفترة الماضية.

بين لبنان ومصر تاريخ جميل، يجسده أبناء البلدين بالعلاقات المميزة التي تربطهما، مع الامل ان تكون هذه الزيارة بوابة جديدة لتنشيط العلاقات وتقريب البلدين أكثر في كافة المجالات.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط