الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صراع المصالح


 1- سوريا أرض الصراع

فى عام 1992 تم توقيع اتفاقية " كيوتو " بهدف تطبيق إجراءات حازمة من قبل الدول الاوروبية بهدف الحد من تلوث البيئة الناتج عن النشاط الصناعى والاتجاه الى استخدام الطاقة الأقل تلويثا للبيئة ..

وأصبحت هذه الاتفاقية هى شرارة الصراع على الغاز الطبيعى كمصدر للطاقة .

وفى عام 2002 تم توقيع أغرب اتفاقية خلال بدايات هذا القرن .... حيث تم توقيع بروتوكول مشروع " نابكو" بين مجموعة شركات غاز عالمية من ( النمسا وتركيا والمجر ورومانيا ) بمباركة الاتحاد الأوروبى وتحت رعاية الولايات المتحدة الامريكية وذلك بهدف ربط احتياطيات الغاز فى آسيا الوسطى لتصديره من دول ( تركمانستان وأذربيجان وكازاخستان) عن طريق خط انابيب يمر ببحر قزوين ومنه الى تركيا ثم النمسا وصولا الى أوروبا ... وذلك بالطبع دون المرور بالأراضى الروسية.

والغريب أنه تم التوقيع على الاتفاقية فى عام 2002 ثم بدأت عملية إعداد دراسة الجدوى فى عام 2004 أى بعد عامين من توقيع الاتفاقية وبمنحة وتأييد من المفوضية الأوروبية..

وكان الهدف الرئيسى للاتحاد الاوروبى هو الاستغناء او تقليل الاعتماد على الغاز الروسى وكذلك إضعاف الاقتصاد الروسى الصاعد بقوة (وهو هدف مشترك مع أمريكا) وتقليل وإضعاف الهيمنة الروسية على جمهوريات الاتحاد السوفيتى (سابقا).

وبالتأكيد سوف يساعد هذا الاتحاد الأوروبى على التخلص من النفوذ الروسى المتزايد حيث ان روسيا كانت المصدر الرئيسى للطاقة المستهلكة فى أوروبا ... ودعونا نتذكر كيف ان الرئيس الروسى بوتين نفذ تهديده وقطع الغاز لمدة أسبوعين فى الشتاء القارس عن أوروبا أثناء أزمة أوكرانيا وجزيرة القرم ...

وبالتأكيد كان الدب الروسى يعلم جيدا أبعاد هذه الاتفاقية وتحرك سريعا لضربها وإجهاضها فى بداياتها حيث قامت روسيا بعمل اتفاقيات وشراء نسبة كبيرة من احتياطيات الغاز فى تركمانستان وكازاخستان وأذربيجان وأعلنت معظم هذه الدول انها لن تمد الغاز لمشروع نابكو ....

وبرغم اجهاد روسيا لهذه الفكرة الا ان الصراع لم يتوقف ....

وتم تغيير المسار حيث تم الاتفاق مع قطر ( ثالث اكبر احتياطى غاز فى العالم ) وذلك تحت الرعاية الامريكية وتم توقيع الاتفاق فى تركيا .

وتم رسم مسار جديد لخط الأنابيب يبدأ من قطر مرورا بالسعودية ومنها الى الاراضى السورية ثم تركيا الى الاتحاد الاوربى وقد كانت منطقة حلب وريف ادلب فى سوريا هى المنطقة التى سيمر منها خط الانابيب (وهى المناطق الاكثر اشتعالا فى سوريا .... الآن).
 
وفى نفس الوقت كان هناك مشروع مماثل من القوى المقابلة ... وهو نقل الغاز من ايران ( ثانى اكبر احتياطى غاز فى العالم ) وبمشاركة دول وسط آسيا حيث يمر خط الانابيب بسوريا ثم الى تركيا ومنها الى أوروبا ( تركيا اردوغان كانت تريد تنفيذ مشروع نابكو فى بداية الامر وحتى حدوث الانقلاب العسكرى الفاشل).

وتم عرض المشروعين على الحكومة السورية فرفضت مرور خط نابكو على أراضيها ( امريكا والغرب وقطر وتركيا والسعودية ) ووافقت سوريا على مرور خط الغاز الايرانى ودول وسط آسيا ( حيث مصالحها الاقتصادية والعسكرية مع الكتلة الشرقية ) .....

وهنا كانت اللحظة الفارقة ,,,,,,,, وبدء الصراع بين الفريقين.

فقد تكتلت أـمريكا وأوروبا وتركيا ( فى البداية ) وبعض الدول العربية على رأسها جزيرة قطر لازاحة نظام بشار الاسد
وتكتلت روسيا وايران وحليفها حزب الله فى لبنان لدعم نظام بشار الاسد وضمان عدم سقوطه والاهم عدم سقوط حلب وإدلب تحت سيطرة الفريق الاخر هذا بالاضافة الى مصالح روسيا العسكرية حيث القاعدة العسكرية الوحيدة فى المياه الدافئة بالتعاون مع حليفها فى المنطقة بشار الأسد.

وقد كانت فى البداية الحرب بالوكالة وهو ما أدى الى ظهور داعش وجبهة النصرة وغيرهما ... تحارب نيابة عن الفريق الامريكى وبتمويل من قطر ودعم لوجيستى من تركيا .. ودخول الحرس الثورى الايرانى وحزب الله ككيانات مضادة .... تحارب نيابة عن الفريق الروسى.

وهنا يظهر تفسير كيف ان قوات التحالف بقيادة أمريكا لم تكن تضرب داعش فعليا بل كانت تسقط عليهم الاسلحة (بطريق الخطأ كما كانوا يزعمون ).

وكيف ان بعد التدخل الروسى قامت بضرب داعش ( فعليا ) وتحقيق مكاسب للجيش السورى على الارض .

وأصبح هناك فريق كل همه هو اسقاط نظام بشار الاسد ,,,, وليس ( كما تقول حكوماتهم وإعلامهم الكاذب ) من اجل الديمقراطية او الحريات او حتى من اجل حياة افضل للشعب السورى ( والذى بالفعل يستحق حياة افضل ) .

وأصبح هناك فريق اخر كل همه هو عدم سقوط نظام بشار الاسد ,,,, وليس ( كما تقول حكوماتهم واعلامهم الكاذب ايضا ) من اجل عدم تفتيت وحدة سوريا والحفاظ على أرواح الشعب السورى وحماية اللاجئين ( وأتمنى بقاء سوريا موحدة ).

ولكن ,,,,,,,,
الهدف فقط هو ...... المصلحة الذاتية
الهدف فقط هو ..... انتصار الإرادات
إنه صراع دموى بين القطبين ولكن مسرح العمليات على الاراضى العربية .
ومع الاسف يستخدمون انظمة عربية بل وأموالا عربية تقوم بدفع تكاليف هذا الصراع ....
ويبقى دائما السؤال .....
متى تفيق الأمة العربية من هذه الغيبوبة,,,
ولنا للحديث بقية ... إن شاء الله
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط