الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تراه سيقيم عليهم الحد


الزعيم عادل إمام له حكاية لطيفة عن يوم موت أبيه، الذي لم يحضره، فيقول عندما عدت من سفري وذهبت لبلدتي، بعد أن قام أخوتي وأهلي بدفن أبي، رحمه الله، وكنت منهارا جدا وحزينا لدرجة جعلت من أخى يلطف عنى ويسعى لإخراجي من حالة اليأس والحزن على أنني لم أكن ممن يودعون أبيهم الى مثواه الاخير فقال لى أخى.. احمد ربنا أنك مجتش، وإلا كنت هتروح من المسجد الكبير لغاية المدفن ومن المدفن للبيت حافي.

فتبسمت وهو يكمل حواره ويقول.. كل اللى دفنوا ابوك رجعوا حافيين ماعدا مندوب وزارة الأوقاف اللى كان بيحب أبوك هو اللى متسرقش، عارف ليه لأنه صلى الجنازة بينا وشبشبه تحت باطه.

ولم يتمالك الزعيم نفسه من الضحك، ويضيف على هذه الحكاية حكاية أخرى قصها عليه أخوه أيضا يوم موت أمه التى لم يحضر وفاتها أيضا، فيقول نقلا عن أخيه أن معظم من جاءوا للصلاة على أمنا لم يتركوا نعالهم خارج المسجد بل كانت تحت إبطهم.

حكاية الزعيم تذكرنى بما حدث لوزير الأوقاف ولنواب البرلمان الذين سرقت أحذيتهم، ولم يكونوا مصلين ولا معزين بل كانوا قادمين فاتحين.

فقد كان موكبهم قادما من قاهرة المعز متوجها لمحافظة الشرقية لافتتاح مسجد، ولم يحسبوا حسبانا لذلك المجازف الذى لم يكترث ولم يهب لمن يلبس الحذاء، ولا لكونهم أصحاب حصانة، ولا لكون كبيرهم وزير وليس أى وزير، بل أنه وزير النهى عن المنكر والأمر بالمعروف ومع الوزير محصنين من البرلمان، ولا يجرؤ أحد على استجوابهم، إلا أن هذا اللص جرؤ على تجريدهم من وسيلة المشى، وترك اقدامهم بيضاء للناظرين، وليس هذا فقط بل أنه لم يترك أثرا له يستدل به عليه.

موقف سرقة الأحذية من المسجد موقف ومشهد متكرر يحدث منذ قديم الأزل، حتى أن الأمثال الشعبية أفردت له مكانا، وقالت على من يضبط فى موقف متأزم كسارق الأحذية الذي يمسك متلبسا فى الجامع فى يوم جمعة.

ولكن الجديد والغريب هنا أن يسرق وزير وبطانة برلمانية، فمن قام بذلك إما مختل عقليا لا يدري وبال مافعله، وإما حاميها حراميها، لأنه يعلم أن هذه الفئة من البشر لا تلبس إلا من إيطاليا أو أمريكا، وعليه فقد حصل على ثروة إذا ما باع هذه الأحذية على النت أو فى سوق الأحذية الغالى الثمن، وإن لم يبعها فقد ضمن لنفسه وذويه أن ينتعل وينتعلوا معه أغلى الأحذية وأرقاها.

إذا تركنا كل هذه الأجواء وتخيلنا ردة فعل وزير الأوقاف ونواب البرلمان المصاحبين له عندما خرجوا ولم يجدوا أحذيتهم، وأيضا تخيلوا معى ردة فعل الحراس الشخصيين له ولهم.

ماعليك من ذلك هل تصورت أن وزير الأوقاف قد استجمع علمه، وأفتى بإقامة حد السرقة على من سرق حذاءه وأحذيتهم، أم أنه تمادى فى فتواه، وأكد أنهم يعيثون فى الأرض فسادا، ويجب أن يقام على السارق حد الحرابة؟

وأيضا هل ورد إلى ذهنك أن الوزير ومن معه تعاملوا مع المسجد والقائمين عليه بمبدأ من أتلف شيئا فعليه إصلاحه، وعليه فقد طلبوا بدلا لأحذيتهم.

دع كل هذا وتخيل ردة فعل الآخرين ممثلة فى من كانوا فى المسجد ومن كانوا يصطفون لمصافحة الوزير ومن معه.

 والآن وبعد ماتخيلت هل حاولت أن تعيش ولو للحظة مع السارق وشعوره بالعظمة، لأنه استطاع أن يسلب وزيرا ونوابا نعالهم ويجعلهم مادة للحديث.. تراه يضحك أم يبكي فرحا، وأيضا كيف حال الوزير إذا ما رأى وجه اللص وهو ضاحك سعيد ؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط