الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صراع المصالح


1- تركيا واليويو

وصل نجم الدين اربكان ( مؤسس فكرة الاسلام السياسى فى تركيا الحديثة ) إلى رئاسة وزراء الدولة التركية بعد إجراء الانتخابات البرلمانية فى عام 1996 وبدأ مباشرة فى عملية تمكين الفصيل الاسلامى من مفاصل الدولة ومؤسساتها مما اضطر الجيش التركى لعمل انقلاب عسكرى على ( اربكان ) فيما عرف بعملية ( 28 فبراير 1997 ) والتى على أثرها استقال نجم الدين اربكان من رئاسة الوزراء .

فى عام 2000 شهدت العلاقات التركية السورية تحسنا واضحا وملحوظا بعد زيارة الرئيس التركى (المدنى) حين ذاك ( أحمد نجدت سيزار ) الرئيس السورى بشار الأسد معزيا فى وفاة والده الرئيس الاسبق حافظ الاسد ...

وفى عام 2002 حدث متغير هام فى تركيا حيث وصل تيار الاسلام السياسى مرة ثانية الى سدة الحكم ( بعد خمس سنوات فقط من سقوط اربكان ) وذلك عن طريق (حزب التنمية والعدالة ) ولكن هذه المرة تحت قيادة رجب طيب اردوغان والذى كان يعتبر الابن المدلل لنجم الدين اربكان ولكن سريعا ما انقلب اردوغان على استاذه ومعلمة اربكان ..

وبدأ أردوغان سريعا فى الترويج لفكرة ( الاسلام السياسى المعتدل) وقام بتسويقها لأمريكا والغرب بهدف الانضمام الى الاتحاد الاوروبى وهو ما رفضته اوروبا مرارا وتكرارا ... وكان من الغريب واللافت للنظر هو انه فى نفس العام2002 والذى وصل فيه اردوغان الى الحكم فى تركيا.... تم توقيع اتفاقية الغاز ( نابكو ) وذلك بهدف نقل احتياطيات الغاز من اسيا الوسطى الى اوروبا عبر البوابة ( التركية الاردوغانية) بمباركة من الاتحاد الاوروبى وامريكا ... وفى ضربة ستكون بالتأكيد موجعة الى الدب الروسى اكبر مصدري الغاز الى الاتحاد الأوروبى ...

وهذا ما جعل الدب الروسى يقوم بالتحرك سريعا واتخاذ عدة خطوات لاجهاض هذه الاتفاقية ... وهو ماحدث بالفعل.

أدى هذا الى قيام (الفريق) الغربى بتغيير خط مسار الانابيب ( نابكو ) فبدلا من نقل احتياطيات الغاز من اسيا الوسطى تم الاتفاق مع جزيرة قطر ( ثالث اكبر احتياطى غاز فى العالم ) لنقل الغاز القطرى عن طريق خط غاز يمر بالاراضى السعودية ومنها الى الاراضى السورية ( مربط الفرس ) وصولا الى الاراضى التركية ومنها الى الاراضى الاوروبية ...

وبرفض بشار الاسد مرور هذا الخط عبر الاراضى السورية حفاظا على مصالحة الاستراتيجية مع روسيا وايران، عندها قام الفريق الغربى باستخدام ( اليويو) اردوغان واستخدامة كأداة لتأديب النظام السورى حيث فتحت تركيا ابوابها..... لجميع المرتزقة من كافة أنحاء العالم وخاصة كوادر تنظيم القاعدة والمعتقلين الذين افرج عنهم من معتقل جوانتانامو .... وجعلت تركيا حدودها الممتدة مع سوريا لاكثر من 900 كم ممرا لعبور الارهابيين والقتلة والمتطرفين الى داخل الاراضى السورية بهدف قيام ثورة فى سوريا خاصة فى ظل ثورات الربيع العربى...

وكذلك لعب ( اليويو) اردوغان والنظام التركى دور الداعم اللوجيستى الاول لتنظيم داعش كما لعبت جزيرة قطر دور الممول الاول للثورة والثوار فى سوريا بهدف اسقاط النظام السورى .

ومن هنا بدأت الحرب بالوكالة على الاراضى السورية فداعش والنصرة هى يد الفريق الغربى بالاضافة الى تركيا وقطر واليد الاخرى هى الحرس الثورى الايرانى وحزب الله نيابة عن روسيا والصين ....

وبعد اعلان امريكا لقيام التحالف الدولى بغرض ضرب داعش ( اعلاميا ) عن طريق الطيران ولكن فعليا كان يتم دعم داعش لوجيستيا .... بل وحققت داعش خلال تلك الفترة مكاسب كبيرة على الارض..مما اضطر الدب الروسى الى التدخل فعليا فى الملعب السورى وتوجيه ضربات قوية ومؤثرة الى داعش مما اعطى تفوقا واضحا بعد ذلك للجيش وللنظام السورى على الارض بل واستعادة السيطرة على ريف دمشق وحلب وادلب ( منطقة الصراع الفعلية والمسار المقترح من قبل لخط الغاز نابكو ).

ونتيجة لهذا التدخل الحاسم على الارض أدى هذا الى اضعاف الحلم القطرى التركى الغربى بنقل الغاز من قطر الى اوروبا، وظهرت مشكلة اللاجئين والنازحين السوريين وهو ما استغله اردوغان فى ابتزاز الغرب وبدأ فى طلب مليارات الدولارات من اوروبا بحجة دعمه فى ايواء النازحين وانه سيتركهم يعبرون الى اوروبا ليمثلوا خطرا ارهابيا على اوروبا.

كذلك طالب اردوغان الغرب وامريكا بتحقيق وعودهم له بالموافقة على انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبى وهو ما رفضته بعد ذلك المستشارة الالمانية "ميركل".

وكعادة القوى الكبرى التخلص من الحلفاء بعد انتهاء المهمة او فشلها .. فقد اصبح اليويو اردوغان عبئا على الغرب، فتم تدبير الانقلاب العسكرى الاخير فى تركيا للتخلص من اردوغان ( وهناك معلومات مؤكدة عن طلب اردوغان اللجوء الى المانيا اثناء محاولة الانقلاب ولكن ميركل رفضت ... حيث كانت محاولة الانقلاب فى طريقها للنجاح، لولا تدخل الرئيس الروسى بعقلية وحسابات رجل المخابرات (( على الرغم من حالة التوتر السياسى التى كانت على اشدها بين تركيا وروسيا بعد حادث اسقاط الطائرة الروسية من قبل القوات التركية )).

ولكنها حسابات العقل البارد..... تدخل بوتين وأوقف الانقلاب العسكرى بشرط ان يتحول اردوغان من ((يويو امريكا )) إلى(( يويو روسيا )) وهو بالفعل ما تم الاتفاق عليه ..

ولعلنا نلاحظ التغيير الحاد فى السياسة التركية الاردوغانية خاصة فى الملف السورى خلال الفترة السابقة بل وانحيازها الواضح الى نظام بشار الاسد بل وتطابق وجهات النظر التركية مع الدب الروسى فى بقاء نظام بشار الاسد بعد ان كان اليويو اردوغان يملأ الدنيا صراخا وعويلا ان بشار ليس له دور مستقبلي فى سوريا والاهم ان روسيا قد توصلت مع اليويو اردوغان الى اتفاق يسمح بمرور خط غاز من روسيا ووسط اسيا الى اوروبا عبر الاراضى التركية .

وأخيرا تركيا تستضيف مؤتمر " الاستانة " لرسم مستقبل خارطة الطريق للدولة السورية ...انها صراع المصالح والحروب بالوكالة وللاسف ارض الصراع هى الاراضى العربية.

ويبقى السؤال ,,,,, مطروحا

كل القوى تبحث عن مصالحها وتتحالف مع بعضها البعض من اجل تحقيق هذه المصالح ..... الا الوطن العربى، فإنهم يتناحرون ويتفرقون من اجل زعامة فارغة او طموح زائف.

ويبقى دائما السؤال .....

متى تفيق الامة العربية من هذه الغيبوبة ,,,,

ولنا للحديث بقية ... ان شاء الله

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط