الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عملية إنزال سياسي في إسرائيل


دخول حركة فتح كبرى الفصائل الوطنية الفلسطينية إلى منظمة التحرير الفلسطينية، كان بمثابة كلمة السر التي أحيتها وقادتها إلى أن أصبحت في عام 1969 الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، باعتراف عربي إسلامي، بل وعالمي، وجامعة لمعظم إن لم يكن كل الفصائل الفلسطينية الرئيسة تحت مظلتها.
 
ويستثنى من ذلك بعض الجماعات الانشقاقية الصغيرة، إضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اللتين ترفضان المشاركة فيها بتركيبتها الحالية، وتطالبان بإجراء التغييرات اللازمة التي تسمح لهما بالمشاركة فيها.

فهذه الحركة التي نادت في بدايات انطلاقتها بالعمل المسلح طريقًا وأسلوبًا لنيل الحقوق، لم تغفل للحظة عن القيام بالدور الدبلوماسي والسياسي القيادي، بداية من ترتيب البيت الفلسطيني، وحق التمثيل الشرعي الوحيد لمنظمة التحرير، بل ورغم زخم العمل العسكري والمقاوم في تلك الحقبة، ومواكبتها لحرب الاستنزاف، إلا أنها ومنذ لحظة تأسيسها، بنت هيكلها على أساس جناحين رئيسيين، الجناح العسكري والجناح السياسي.

هذان الجناحان كانا يعملان معًا منذ البداية، بشكل متوازن ومنسق.. ليس فقط في المواجهة المسلحة، بل وفي عمليات الإنزال والإبرار السياسي، إن جاز لنا استخدام هذا التعبير، فقد قامت فتح منذ نهايات الستينات بفتح ثغرة سياسية هامة جدًا، حيث آمنت بدور فلسطينيي 48 في الكفاح الوطني، وتفهمت إمكانية وضرورة الحوار مع القوى التقدمية واليسارية الإسرائيلية.

إستراتيجية "الثغرة" هذه ونقل الاشتباك السياسي إلى الجانب " الإسرائيلي"، كان ضرورة بعد أن أكملت إسرائيل احتلال ما تبقى من فلسطين في العام 1967.

كان لابد للمقاومة الفلسطينية أن يكون لها ذراع في العمق الإسرائيلي، يتحرك ويؤثر أو يحاول أن يؤثر بالتوازي مع تحركات وتوسعات الاحتلال في العمق الفلسطيني، كل بأدواته وإمكاناته، بما تقتضيه ظروف المعركة والاشتباك سواء السياسي أو العسكري.

وقد قاد هذا الاتصال إلى مفاوضات مباشرة، بدأت في مدريد وأوسلو، وتوقف بتمدد الاحتلال الإسرائيلي وعربدته في الضفة الغربية وضرب وحصار غزة ومحاولات تهويد القدس الشريف، وربما كان هذا هو السبب أو أحد الأسباب التي دعت القيادة إلى التركيز خلال السنوات الماضية على التواصل بشكل أكثر قوة مع القوى العربية الفلسطينية، والتقدمية الإسرائيلية في العمق الإسرائيلي، سواء بالاتصالات السياسية المباشرة أو بالقوى الناعمة، من إعلام وفنون وثقافة وغيرها.

وفي الظرف الآنية التي تشهدها الساحة الفلسطينية، وقيام الاحتلال بنقل ثقل وكثافة الاشتباك إلى عمق الكيان الفلسطيني المأمول، حدود الدولة السياسية في إطار 67 ، وإحيائه لبعض الخرافات التاريخية والحكاوي الموروثة عن يهودا والسامرة والمعبد و القدس.

ورغم التصدي الدبلوماسي الفلسطيني الناجز، سواء بالاعتراف بعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة بصفة مراقب، وأنها دولة ذات حدود تحت الاحتلال، وتأكيد الأونيسكو من زاوية ثقافية تاريخية أثرية على إسلامية الأقصى الشريف والقدس الشرقية، إلا أن الظروف تقتضي إعادة ( الثغرة) بشكل أعمق و أوسع، من خلال عملية "إنزال سياسي" باستخدام كافة الوسائل المتاحة، دبلوماسية وشعبية وناعمة لخلق حالة من التغلغل في العمق الإسرائيلي، وتشكيل قوة ضاغطة، بل منهكة، للقوى اليمنية المتطرفة في إسرائيل ومنهجها.

لابد من الرد على نقل الاشتباك إلى مناطق الحدود السياسية لدولة فلسطين المحتلة، وربما هذا ما أدى إلى قيام فتح بإنشاء مفوضية متخصصة، مهمتها الاتصال بفلسطينيي الداخل وبالقوى الإسرائيلية التقدمية، وأعتقد أن الأوان قد آن، وأصبح القيام بإشتباك مضاد من جانبنا في عمق دولة الإحتلال بثغرة مؤلمة ومؤثرة ومكلفة ضرورة تفرضها التطورات على الأرض حتى يكف ويرضخ لنداء السلام والإرادة الدولية، وإن عدتم  عدنا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط