الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يا أم الشهيد لا تبكي .. ابنك بموته منح مصر الحياة


شاهدت أمس حلقة مؤثرة من برنامج " على مسئوليتي" على قناة صدى البلد ، خصص فيها الإعلامي أحمد موسى فِقرة عن " أم الشهيد" بمناسبة احتفال المصريين بعيد الأم اليوم ، ومن المؤكد أن استضافة البرنامج لبعض أمهات الشهداء في هذه المناسبة أمر مهم وله دلالات وطنية أهمها استحضار قيمة ومكانة وقامة الشهيد في المخزون التاريخي والديني والوطني في الوعي والعقل الجمعي للمصريين .. الشهيد الذي قدم حياته عن طيب خاطر على مذبح الاستشهاد ومحراب الوطنية المقدس لكي تعيش أبية مرفوعة الرأس .. كما أن استضافة البرنامج لبعض أمهات الشهداء هو عرفان بالجميل للأم التي ضحت وقدمت فلذة كبدها لأجل بلدها ، وضحت بأمومتها لتعيش مصر، وتعيش كل امهاتها في سلام وأمن ، ولعل الصيحات ونبرات الحزن التي تعالت من بعض أمهات الشهداء في البرنامج أمس كانت بمثابة رسائل مدوية قوية للقائمين على صناعة القرار في هذا البلد والذين يتباطؤون في الانتصار لحقوق الشهداء والقصاص العادل والناجز من الخونة والمتاجرين بالاوطان والدين وكأنهم يخشون هؤلاء المرتزقة أكثر من الله سبحانه وأكثر من هيبة ومكانة وسلامة الأوطان ..

لقد كانت إحدى الأمهات تصرخ في الحلقة وتملأ عيونها دموع غزيرة تنهمر على وجهها الذي تكسوه علامات الحزن والكآبة والمرض لا بسبب استشهاد ولدها ، بل للتباطؤ في تحقيق العدالة الناجزة في دولة تواجه إرهابا منظما وكأنها تدلل الإرهابيين ، كانت تصرخ أم الشهيد وتستصرخ كل ضمير حي للقائمين على أمور هذا البلد لتحقيق القصاص الناجز والعادل وشفاء غليلهن من قتلة شهدائنا من أبناء الجيش والشرطة .. كانت أم الشهيد تصرخ من العفو بسبب مهزلة ومسخرة العفو عن شباب تعاطف مع جماعات إرهابية وجماعات إرهابية قتلت وحرضت وتعاطفت وشاركت في اعمال عنف ضد مصر والمصريين !!

كانت رسالة أم الشهيد عنوانها طلب القصاص الناجز وفي ذات الوقت الحسرة والألم لضياع حق الشهيد ! .. وأنا من هنا أقول لأم الشهيد .. افرحي لأن دم ابنك الطاهر غسل وطهر تراب مصر المقدس ورملها الطاهر من الخيانة ودنس العمالة لتعيش مصر .. يا أم الشهيد أنتِ مكانتك في القلب والوجدان من كل مصري حر غيور على بلده .. مكانتك يا أم الشهيد لا تقل مطلقا عن مكانة الشهيد لأنك دفعتِ الثمن مرات ومرات عندما قدمتِ ابنك الشهيد على مذبح الاستشهاد مرة وعندما عشتِ بقية حياتك على ذكراه المقدسة وعندما ربيتِ وكبرتِ وغرزتِ في وجدانه حب الوطن والشهادة .. يا أم الشهيد أنتِ تاج على رؤوسنا جميعا والتفريط في القصاص من الإرهابيين الذي استهدفوا ولدك الشهيد ما هو إلا خيانة للوطن وللدم الطاهر والتراب المقدس وخيانة للمصريين بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. يا أم الشهيد لا تحزني حقك الآن وحق ولدك في رقاب المصريين وسيأتي اليوم لا محالة لكي يحاسب من تهاون وقصر وتقاعس بالصمت او التواطؤ أو المشاركة عن تحقيق العدالة الناجزة والقصاص العادل لدم الشهيد .. افرحي وقري عينا .. ولا تحزني ولا تكتئبي ولا تيأسي مهما كانت الامواج عاتية لأن حق ابنك الشهيد آتِ لا محالة ..

أنتِ أيضا يا أم الشهيد شهيدة وإن كنتِ حية بالجسد ونحن شهود على ذلك .. استودعي حق ابنك في يد الله الديان العادل الذي لا ينعس ولا ينام ومن يستودع حقه في يد الله فليطمئن .. ولعلني هنا في ذكرى الاحتفال بعيد الأم أؤكد لأم الشهيد أن مكانة الشهداء أيضا في الإسلام والمسيحية عظيمة ، فيؤكد الإسلام على أن الشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون كما جاء في القرآن الكريم في سورة آل عمران : " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" ، وقول الرسول عليه السلام أيضًا في الحديث الشريف " من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد" .

ومكانة الشهداء أيضا في المسيحية عظيمة لا تدانيها مكانة ، حيث يؤكد الكتاب المقدس أنه لا يوجد حب أعظم من الحب الذي يقدم فيه الشخص ذاته ويبذل نفسه لأجل احبائه فكم وكم يكون من بذل نفسه من أجل تراب الوطن الطاهر ؟ حيث يقول الكتاب المقدس : " ليس لأحد حب اعظم من هذا ، أن يضع احد ذاته لأجل احبائه " ( يوحنا 15 :13 ) ، وهنا لا يجب أن ننسى أمهات المصابين الذين ضحوا بأجزاء من اجسادهم سواء بأرجلهم أو عيونهم او أيديهم لأجل الوطن ، فهؤلاء المصابون لا يقلون أيضا رفعة ومكانة عن الشهداء لأنهم ضحوا وشهدوا وانتصروا لأوطانهم تحت نير الإرهاب والقتل والخيانة لكي تعيش مصر قوية رغم أنف الحاقدين والمتآمرين ومقاولي هدم الأوطان وتجار الأديان..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط