الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سائحة في «ميكروباص» إمبابة


مازلنا نعاني من جهل شديد بطرق التعامل الراقي مع السائح القادم إلينا من الخارج، جعلنا غير قادرين على الترويج لمعالمنا السياحية، وأغفلنا نتائج الصورة التي يمكن أن يصّدرها الزائر لأهله وأصحابه بعد الرجوع لبلده.. فأصبحنا لا نُجيد فن «الضيافة»، مما جعلنا نواجه دائمًا أزمات عديدة بقطاع السياحة في مصر، أحد أهم وأكبر مصادر الدخل القومي.

أفعال غير حضارية، لا تُليق بأصالة المصري الذي أبهر العالم بروعة حضارته، يرتكبها الكثير ممن جمعتهم الظروف للإلتقاء بالسائحين على أرض مصر، شاهدت أحدها بعيني عندما اضطرتني «مهمة عمل» طارئة إلى استقلال سيارة «ميكروباص» من منطقة وسط البلد، متجهًا إلى «محكمة شمال الجيزة» بمنطقة إمبابة، لتغطية حدث مهم بها، بعد أن فوجئت بـ«سائحة شابة» تُشير بيدها إلى سائق السيارة للتوقف، تطلب اصطحابها إلى مستشفى الشرطة بمنطقة العجوزة.

انتابتني حالة من القلق لا أعلم أسبابها، عندما قررت «السائحة» أن تستقل السيارة المُكدّسة بالركاب، والتي لم تجد لها مقعدًا بها من شدة الزحام، فدفعني الحماس إلى إخلاء مقعدي لتحل مكاني، في مبادرة مني لإظهار كرم ضيافة المصري للسائح، وبالفعل جلست «السائحة» بعد أن ظلت واقفه لمدة خمس دقائق تقريبًا في "طرقة" السيارة، دون أن يُعيرها أحد من الركاب أي اهتمام.

شعرت براحة ضمير، عندما ابتسمت السائحة في وجهي، وجلست مكاني بعد أن تمتمت بكلمات شكر معدودة، لم أستطع من خلالها تحديد اللغة التي تحدثت بها، أو البلد التي تنتمي إليها، فبادرتها بالشكر، وسرعان ما حدثت مشادة بين «سائق السيارة» وأحد الركاب، بسبب الخلاف على «الأجرة»، تبادل الطرفان على أثرها ألفاظًا بذيئة أزعجت بشاعتها كل من في السيارة، وسادت بين الجميع حالة من الاستياء، أجبرت «السائحة» على مغادرة السيارة، بعد أن طلبت من سائقها التوقف.

إحصائيات كارثية، خلفتها مثل هذه المواقف التي يتعرض لها السائحون عند زيارتهم لمصر، تضمنها استطلاع رأي أجراه أحد المراكز المعنية بشئون السياحة في مصر، لعينات عشوائية للسائحين حول المعوقات التي تواجه القطاع، والذي أكد أن 91% منهم غير راضين عن تعامل المصريين معهم، سواء داخل الفنادق أو في التعاملات غير المباشرة بالشارع والمحال التجارية نتيجة عدم الوعي.

لا أعلم أيضًا لماذا انقطع الحديث عن مشروع إنشاء شركة خاصة للسائقين بالقطاع السياحي، على أن يتم تأهيلهم وتدريبهم على طرق وأساليب التعامل الراقي مع الزائرين السياح، بحيث لا يسمح للسائح استقلال أي وسيلة مواصلات إلا عن طريقهم، وذلك لتخفيف جرائم السرقة والاختطاف والتحرش، وتجنب التعرض لمثل هذه المواقف غير اللائقة.

نحتاج لخطوات جادة وسريعة في دعم مساعي الرئيس السيسي في عودة السياحة بقوة مرة أخرى إلى مصر، تبدأ بتغيير خطط الترويج لمعالمنا السياحية في الخارج، واستحداث البرامج السياحية بالمناطق الأثرية بما يتناسب مع كل سائح، نحتاج لتفعيل دور الإعلام في الترويج للسياحة المصرية سواء على المستوى المحلي أو العالمي، نحتاج لتثقيف المواطنين أيضًا عبر وسائل الإعلام ومنابر التعليم بأهمية التعامل الراقي مع السائح بشكل يليق بحجم ومكانة مصر بين دول العالم، وبما يضمن إعادة مصر للريادة السياحية بين الدول.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط