الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دموع صاحبة الجلالة


مهنة الصحافة هى مهنة البحث عن المتاعب , وهى مهنة الشرف والأمانة والعدل والإنصاف لأنها تحمل فى طياتها ضمير الأمة , وهى مهنة النشاط الإنسانى لأنها تعبر عن كل حركة وكل إيماءة وكل عمل يقوم به الإنسان , فإن كان هذا العمل معوجا قومته وإن كان هذا العمل مستقيما أنصفته وجملته ووضعته على مائدة المتلقى كى يستفيد منه .

إن صاحبة الجلالة كما كانت فى الماضى هى سلاح الحق الذى ضُيع فى مناخ مزدحم بالصراعات التى كشفت عن علاقة الإنسان بالإنسان فى هذا الزمن .. إن صاحبة الجلالة تحتاج والقائمين عليها إصلاحا مع أنها من المفترض هى طريق الإصلاح للفرد والمجتمع , ذلك لأن الصحافة هى فن قبل أن تكون مهنة ومصدر دخل , هذا الفن يحمل كل ألوان الجمال فى نسق مجمل من كل ألوان الثقافة والوعى الإجتماعى المتصل بالبشر , لكن للأسف الشديد ضاع الفن وبقيت المهنة.

وجملة " ضاع الفن وبقيت المهنة " معناها أن الهدف الرئيسى لمهنة الصحافة لم يعد موجودا كما كان فى الماضى , فأغلب الكلمات نفاق وأغلب الكلمات وإن كانت فى قوالب فنية رائعة إلا أن الهدف منها " المصلحة الشخصية " بعيدا عن مصلحة الوطن.

فى الماضى كان الصحافى يملك قدرات خارقة تكفل له المقدرة على عمل شاق يتضمن المتابعة والتدقيق والتمحيص والتأكد من المعلومة قبل نشرها , أما الآن فالصحفى يتباهى بالنشر سريعا دون النظر الى الحقيقة وصحة المعلومة المنشورة فى ظل تضارب المعلومات ومصادرها مما ينتج عنها إثبات خطأ المعلومة فى كثير من الأحيان ومع ذلك يستحى كثيرا من الصحفيين أن ينشر المعلومة الحقيقية بعد الإيضاح , حتى لا يقال عنه إنه أخطأ فى المعلومة الأولى.

 كما أن الصحفى فى الماضى كان يمتلك قدرا من الثقافة الكافية تؤثر فى شخصيته أثناء العمل , ويكون قادرا على متابعة الأحداث والقدرة الفنية على الإبداع والقدرة على التفكير المنطقى , أما الآن فكثير لا يملك الثقافة ولا الإبداع ولا المنطقية.

كما أن الصحافة لن تندهش وأنت تطالعها كل يوم من مشاهد الصراع الذى يضر جنباتها لنبتلى فى عالمنا بحروب طويلة الأمد وتستمر هذه الحروب حتى موت أصحابها وللأسف الشديد لن تجد تفسير عدوانية الصحفيين بعضهم للبعض , فأكثر عدوانية ستجدها حينما تتابع وتدقق فلن تجد عدوانية أكثر من التى توجد فى بلاط صاحبة الجلالة.

إن الكاتب الحقيقى يكون هدى فى طريقه يهتدى به من يتابعه حينما لا يغفل ضميره أو على الأقل حينما يعود إليه ضميره , وحينما يختلط واقعه بالخيال ولكن لا يطغى الخيال على الواقع فى العرض والنقل , وحينما يحتفظ الصحفى بإنسانيته نحتفظ جميعا بإنسانيتنا.

يا سادة ... الصحفى بشر غير معصوم من الخطأ , من المحال أن يلازم السداد أحكامه وكتاباته بشكل دائم , ولكن إذا أتخذ الضلال طريقا واهتدى به , ومات ضميره وأقام عليه العزاء , فأعرفوا أنه دق أول مسمار فى نعشه كصحفى لأنه لن يستمر طويلا بل سيمحى أثره بتوقفه عن الكتابة , أما الكاتب الذى يعبر عن ضمير الأمة فهو حى باق حتى لو مات جسده ... أعينوا صاحبة الجلالة أن تعود إلى مجدها كما كان فى السابق وجففوا دموعها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط