الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قرارك العاطفي


‎أصعب موقف يمر علينا ذلك الذي نضطر فيه إلى اتخاذ قرارات، وجميعنا يعاني بشدة عندما يكون القرار متعلقًا بالعلاقات الإنسانية وخصوصًا (العلاقات العاطفية).

‎قرار (بدء العلاقة) عادة ما يكون متسرعًا وأحيانًا متهورًا، وسهولة اتخاذه تكمن في أن طرفي العلاقة ربما لم يتعرفا بعد على بعضهما البعض بشكل مكتمل، لأنه من الطبيعي أن يقدم كل طرف صورة مزينة أو مجملة عن نفسه، وربما أيضًا لم ينتبه كلا الطرفين لطبيعة الالتزمات والصعوبات التي ستواجهه، وغالبًا يكون أحد طرفي العلاقة هو متخذ قرار البدء ضمنيًا، إلا أن ذلك لا يعني تحمله المسئولية وحده ، لأن العلاقة لن تبدأ إلا بقبول الطرفين.

وبالتالي فمسئولية ذلك القرار مشتركة دون شك.
أما أصعب القرارات العاطفية قرار (الإنهاء)، فعندما تدخل العلاقات العاطفية إلى نفق عدم الوضوح أو عدم الاقتناع، يجد الشخص نفسه في حالة من التشابك وارتباك المشاعر، القلق والخوف وأحيانًا الفزع، والإحساس بالمسئولية والذنب، كل هذه التعقيدات يكون لها دور مؤكد في ترددنا في اتخاذ القرار. 
صعوبة القرار تكمن في أنك تحتاج لمجهود نفسي شاق، والنقطة الفاصلة ستكون في أن نستطيع القيام بعملية (بناء الحقيقة)، دون أن تؤثر مشاعرنا على قراءة الأحداث وتفسير المشاهدات ، حتي لا نزيف الواقع الذي نتعامل معه.

‎فربما هناك حدث ضخم أو مهم استلزم أن نتخذ قرارًا، وربما هو حدث متكرر، وتكراره أكمل صورة لانتفاء الأمل؛ في حدوث تغيير منشود لا استغناء عنه، لأنه كان سيكمل عملية التواؤم والتجانس بين طرفي العلاقة، أو يبني جسر الثقة الحقيقية الذي سيمر بهما إلى غمار الحياة. 
كنت أتصور دائمًا العلاقة بين شخصين على أنها (حبل مطاطي) له مقبضان، يمسك كل واحد بأحد طرفيه .

وعلى الرغم من أن المشاعر غالبًا لا تحتفظ بوضع مستقر، تصعد وتهبط وفق أحداث ربما تكون يومية، ولكن هناك حدا أدنى لانخفاض هذه المشاعر، بما يعني أن الصعود إلى القمة يعقبه الهبوط إلى القاع، أو العكس وبشكل مستمر، يمثل خطرًا يهدد بقاء تلك العلاقة، لأن عملية الصعود والهبوط العنيفة، ستؤدي بالتبعية لقطع ذلك الحبل، أو ستسبب شعور أحدهما بالألم أو التعب الشديد من الإمساك بهذا المقبض، فلا يستطيع التمسك به أكثر من ذلك.


من أكثر الأخطاء شيوعًا، هو إصرارنا الدائم على تحميل فشل أي علاقة لأحد طرفيها، فشل العلاقة مسئولية، ولكن ربما بالفعل أحد طرفي العلاقة يحمل وزر فشلها، وربما كلاهما معًا ، وربما كان هناك خطأ في عملية الاختيار والقبول من الطرفين، وأن فشلها كان بسبب عدم توافر شروط نجاح علاقة بينهما، ببساطة ليس عيبًا في أي منهما، فقط ربما لا يناسب أحدهما الآخر.
 ويعد موضوع ( المسئولية عن فشل العلاقة) من أكثر الموضوعات التي تضغط نفسيًا على متخذ القرار (قرار الإنهاء).

وأعتقد أن في هذا مغالطة كبيرة، فعلى الرغم أن الأساس في هذا القرار شعور متخذه أنه لا يستطيع الاستمرار، إلا أنه بذلك اتخذ قرارًا في صالح الطرفين، لأن عدم قدرته على الاستمرار تعني بأنه لن يستطيع الوفاء بالتزاماته تجاه العلاقة والطرف الآخر. 
وبالتالي ليس بالضرورة أن يتحمل متخذ هذا القرار مسئولية الفشل، ربما يتحملها الطرف الآخر أو هي مسئولية مشتركة، وبالتالي أيضًا لا نستطيع أن نحّمل صاحب قرار البدء بمسئولية فشلها، لأنها ببساطة مجرد تجربة إنسانية، نسب النجاح والفشل فيها متساوية، ولا يعني استمرارها ونجاحها أننا ملائكة، ولن نصير شياطين في حال فشلها.
 في النهاية، يجب أن نتأكد من عدة أشياء غاية في الأهمية:


– (القرار العاطفي) قرار حر، سواء كان بدء أو إنهاء علاقة، لا يحق لطرف العلاقة أو لأي أحد من محيطك الإنساني أن يلومك على هذا القرار، لأنه ببساطة أحد حقوقك الطبيعية.

– (قرار الإنهاء) قرار يتعلق بقدرة تحملك لواقع العلاقة، ويمكن أيضًا أن يشير هذا الواقع لعدة حقائق منطقية متوقعة في المستقبل .

– يجب على متخذ قرار الإنهاء أن يشرح للطرف الآخر موقفه كاملًا، ويوضح له الأسباب التي تمنعه من الاستمرار.


– (التوقيت) مهم جدًا في اتخاذ القرار العاطفي، المقامرة في هذا الشأن ليست شيئًا جيدًا، فالصبر بخصوص خسائر فادحة ربما سيكلفك خسائر أكثر، إلا أن اتخاذ القرار الصحيح -وإن كان متأخرًا- أفضل كثيرًا من عدم اتخاذه .


– (المسئولية) الحقيقية مسئولية تجاه ذاتك بالمقام الأول، ثم باتجاه طرف العلاقة الآخر، لذا كن حريصًا على عدم إيذاء ذاتك أو الآخر، بالاستمرار في علاقة أدركت من داخلك أنها قد انتهت.


– (عدم القبول) أو عدم الاستمرار لا ينقص من قدر أي شخص، هناك من هو أفضل منك بالنسبة له ومن هو أفضل منه بالنسبة لك.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط