الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هيئة الأمر بالمعروف اللبنانية (2)


منذ فترة كتبت عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللبنانية، فظن البعض أن الأمر للسخرية السياسية، ومن فهم المقصود بالكلام ثار وغضب، وللتذكير فإن الكلام كان عن فرض تنظيم حزب الله اللبناني لقواعد سلوكية واجتماعية في لبنان كمنع أغاني فيروز في الجامعة اللبنانية أثناء حفل تأبيني لأحد الطلاب، وإقفال محلات المشروبات الروحية المرخصة أساسًا من قبل الجهات الحكومية المختصة.

الجديد كان خروج الهيئة - فرع لبنان بشكل علني في الضاحية الجنوبية، حيث قامت مجموعة من مسلحي حزب الله متشحة باللباس الأسود باستعراض علني بكامل أسلحتها؛ بحجة مكافحة انتشار وبيع المخدرات في المنطقة، وهي واقعة حصل هرج ومرج بشأنها بين الأطراف السياسية اللبنانية.

الاستعراض المسلح له أبعاد كثيرة وخطرة، أولها هي إصرار حزب الله (وهو ممثل الحرس الثوري الإيراني في لبنان)، على إبعاد أجهزة الدولة اللبنانية والقوى الأمنية المختصة بمكافحة المخدرات، والتي هي أساسًا يجب أن تهتم بهذا الملف، مما يظهر الدولة عاجزة تمامًا عن وقف ظاهرة انتشار المخدرات في بعض المناطق اللبنانية، علمًا أن المنطقة التي انتشر فيها المسلحون أصحاب الثياب السوداء تخضع لسيطرة الحزب، وتقع على أطراف المربع الأمني، حيث يمنع على الأجهزة الأمنية الرسمية القيام بأي عمل، وإن حصل يكون بالتنسيق مع جهاز أمن حزب الله.

واستطرادًا، فإن الكثير من العمليات الأمنية التي تتم بعد التواصل والتنسيق مع جهاز أمن حزب الله لا تأتي بالنتائج المأمولة منها، وغالبًا ما تكون النتيجة تسليم تاجر صغير أو تسليم أحد المطلوبين الثانويين، أو تسليم أحد المطلوبين الذين لهم خلافات مع أجهزة حزب الله، وغالبًا ما تكون هذه الخلافات مالية، أي أن تطبيق العدالة في مناطق سيطرة حزب الله انتقائي صرف يخضع لمعايير الحزب وقوانينه.

ولابد من التنويه بأن هذه المنطقة وغيرها من المناطق التي تنتشر فيها تجارة المخدرات وصلت إلى هذه المرحلة بعد تغظية الحزب الأمنية لجميع تجار المخدرات، حيث تتم هذه التجارة تحت رعاية الحزب، وليس بسر أن تجارة المخدرات في لبنان تتم تحت رعاية الحزب كونها من أهم مصادر الدخل، بدءًا من زراعة الحشيش والأفيون في مناطق البقاع والهرمل، مرورًا بمصانع تصنيع الهيروين والكبتاغون، وصولًا إلى عمليات البيع داخليًا وخارجيًا.

الأمر الأخطر هو أن لجوء حزب الله لهذه الاستعراضات يفتح الباب واسعًا على مسألة الأمن الذاتي في جميع المناطق اللبنانية، مما يعيد انتشار السلاح بيد العناصر الحزبية على نحو واسع، خصوصًا وأن المناطق اللبنانية وإن كانت ظاهريًا موحدة إلا أنها مقسمة ومفروزة بشكل طائفي - سياسي، مما قد يفجر الأوضاع الأمنية بسبب إمكانية المواجهات المسلحة بين الأطراف في ظل التوتر الأمني الحالي في لبنان.

وبعد كل ما سبق، ليس خافيًا بأن حزب الله مصر على الاستقلالية وإقامة دولته داخل الدولة اللبنانية، تمهيدًا للحلم القديم - الجديد بإقامة الجمهورية الإسلامية الموعودة، والتي لم يخفِ قادة حزب ومؤسسيه النية بإقامتها منذ العام 1984 وهي السنة التي تم إطلاق الحزب فيها بشكل علني.

الأوضاع في سوريا شارفت على نهايتها، وسينصرف المجتمع الدولي إلى معالجة الملفات المعلقة وأولها مسألة سلاح حزب الله والمواجهة ستكون قاسية جدًا، ويبدو أن حزب الله يتحضر فعليًا لهذه المعركة عن طريق فرض وجوده ووجود سلاحه.

وللحديث تتمة...

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط