الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لا تظلموا الدولار


لا ينكر أحد ولا يختلف اثنان على أننا نشهد موجة من الارتفاع الجنوني في الأسعار خلال الأشهر الماضية،
وبحكم التخصص الأكاديمي فقد حبستني النظريات الاقتصادية ودفعتني القيود والفروض التي صنعتها كل نظرية لأن ألزم الصمت طويلا.

وفي محاولة لربط النظريات بالواقع الذي أعيشه، وفي ظل وطأة ارتفاع الأسعار، أصبحت مكبلا بقيود نظريات تعجز عن تفسير ما يحدث.

إن ما يحدث أيها السادة من تداعيات حادة على الأسواق ليس له أي علاقة نسب أو قرابة بسعر صرف الدولار، وإنما سببه الرئيس هو حالة الجشع والطمع المسيطرة على عقول الناس.. جشع مرتبط بالتنفيس عن عبء تضخمي.

فأن تزيد أسعار الأسماك لتصل إلى ما بين ضعف وثلاثة أضعاف في أقل من عام، فهذا أمر الدولار بريء منه، لأنه وإن فرضنا أن أعلاف الأسماك تضاعف ثمنها بعد تعويم الدولار، فالأعلاف نفسها هل كان يتم استيرادها بسعر الدولار في السوق الرسمية أم في الأسواق الموازية والتي كان يسود فيها سعر يفوق الحالى؟ ثم أليس هناك أعلاف محليه بمدخلات إنتاج محلية؟ وإذا لم يكن هناك.. أليس هناك مستثمر رشيد يسعى لاستثمارات مربحة في صناعه الأعلاف؟

وما أطرحه في قضية الأسماك وأعلافها ليس إلا مثالا من أمثلة عديدة أصبح مجال إنتاجها متاحا للصناعات المحلية، فالأمر أصبح عبثيا يمتد من بائعة الجرجير حتى معارض السيارات، فالجميع يرفع الأسعار وينقل نار التضخم لغيره الذي يرفعها هو الآخر.

أليس بيننا مستثمر رشيد؟!! ألم يأن لرواد الأعمال المصريين أن يأخذوا على عاتقهم عبء إشباع الأسواق من السلع التي شح استيرادها؟ ماذا ننتظر؟ هل أصبحنا شعبا تحكمه النزعة الاستهلاكية ولا ينتج حتى غذاءه الأساسي؟

أين أصوات المتحذلقين المنادين بعدم تدخل القوات المسلحة في إشباع حاجة الأسواق من السلع الأساسية حتى لا تنافس القطاع الخاص ولا تضيق عليه؟ أليس هذا ما كانوا يرددونه كلما تعهدت القوات المسلحة بتوريد أو إنتاج سلعة؟

كفى عبثا يا سادة، فالمرفهون الذين لا يعرفون سوء الانتقاد ويجلسون على الأريكة في غرفهم المغلقة يستمتعون بالهواء البارد من جهاز التكييف وينظرون ويتفلسفون ويبثون عبثهم الفكري من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبح كل من يملك صفحة عليها يعتبر نفسه رئيسا للوزراء أو وزيرا أو طبيبا ومهندسا وغير ذلك.. ناهيكم عن ادعاء الخبرة والمعرفة والدراية ببواطن الأمور والقدرة على التحليل والفهم ليعتقد بعضهم أنه من الخبراء في كل شيء حتى المفرقعات.

أصبحنا جميعا نتكلم في كل شيء وندعي العلم بكل شيء، نتحدث فيما نعلم وما لا علم لنا به، هذا هو المشهد الراهن، فتاوى باطلة وآراء مزيفة وادعاءات لا داعم لها.

ما كتبت ما هو إلا خواطر جالت بذهني ولا أبرئ نفسي إن كنت افتيت في شيء دون علم.. أفيقوا يرحمكم الله ولندع لكل مجال أهله ولنغلق الباب على ضعاف النفوس المتاجرين بآلام الفقراء حتى تعود الحياة الاقتصادية في مصرنا الحبيبة لينعم الجميع بالخير.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط