الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أعياد شم النسيم والموعد السنوي لبورصة الحرام السلفي


العاطلون عن التفكير والمتخصصون بالتفخيخ والتفجير الذين يحترفون عمل الشيطان في قطع الأوصال وتأثيم الأوطان قد وجدوا لهم في هذه الأيام عملا مثيرا وطريقا جهاديا رائعا يقربهم إلى الله بظنهم من خلال تصحيح عقيدة الأمة التي حرفها الفسيخ وهدم آثار الشرك الذي حركته صناديق الرنجة في الأسواق ومواجهة الاعتداء على دين الله الذي تقوده البيضة الملونة بمكر عجيب تحالفت فيه مع الخس والجرجير ومذاق الليمون الشديد.

وهامت جهات الفتنة السلفية في ربوع مصر على وجهها بالمساجد والأسواق… في الشوارع والمتنزهات من خلال توزيع الخطب والمنشورات التي لا تلوى على شيء إلا رد الأمة إلى ربها بصرفها عن صفيحة الفسيخ وغلق الأسواق أمام براءة المتنزهين الذين يحادون الله ورسوله بالمجاهرة بشم النسيم في عيد الربيع..!!

نفسها الجهات السلفية التي تدعو إلى الله من خلال أوراق ملأتها بالأفكار المزورة بأقلام صينية الصنع وعلى أوراق دنماركية المنشأ وقد طبعتها بمطابع ألمانية وضع أسسها من قبل الكافر جوتنبرج وزحفت جبهة المحرمات هذه إلى الجماهير ترشدها بينما شباب وكهول السلفية يمتطون صهوة السيارات الكورية وقد ارتدى بعضهم طرح بيضاء للرؤوس تايوانية الصنع وأطلقوا اللحى شعواء مبعثرة تجرى فيها بمشقة أمشاط فرنسية..!!

ليردوا الناس في الحدائق العامرة بالابتسامة إلى دين الله الذي اعتدى عليه المغامرون بشم النسيم من خلال تجمعاتهم السعيدة البريئة التي يتناولون فيها وجبات شهية مثيرة مصدرها البحار الطهور ماؤه وكانت حجتهم في هذا المسعى الذي ملأ الإعلام بكل ألوان الشيوخ أن الأمة خالفت فقه نجارا تحول لبائع أرانب وقد اهتدى فصار سلفيا أو بناءَ فآمن بأن تجارة الأمشاط سنة نبوية فأصبح داعية أو دهانا فتح مكتبه أشرطة ومطويات بعدما ركن إلى شيخ المحدثين فناظر في القضية أو سباكا نالته كرامة سيد المتعلمين فتعالم على جماهير تاهت منها البوصلة فتحولت إلى قطعان غبيه..!!

ضميرهم السلفي الفذ لم ينتفض للأقصى الأسير والمسلمات اللائي يعبث بشرفهن جنود الاحتلال أو دمشق التي نالها انتهاك صهيوني من يدنا قريب المنال ووسعوا أوار الفتنة فيها لعلها تلتهم ما بقى من الفطنة بها..!!

ودليل هذا الهراء السلفي السائل بشوارعنا أن شم النسيم هذا ليس من أعياد المسلمين وإنما هو لأمة كافرة فكيف نسير على نسق الأولين…؟

وردنا الذي لن يجاوز تراقيهم لبطالة عقولهم … أن مصر القديمة ليست أمة كافرة بل هي من أهل الكتاب وقد جاءهم إدريس نبيا وقد قال الله في شأنه واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا .. وآثاره وحقائقه البديعة جمل من جسد الشريعة قد كتبت على جدران الهرم المصري الذي شكل وعي هذه الأمة التي آمنت بالله والبعث…

ومع ذلك هل هناك أحد قد خرج للاحتفال بشم النسيم على أنه أحد شعائر الله…؟

وهل هناك من أحد ظن أن هذا اليوم عيدا نتقرب إلى الله بإحيائه حتى يكون قد سن سنة في الدين هي رد عليه…؟

أم أنه يوم تواصل الناس على الاحتفال به كشأن اجتماعي ينشرون فيه البهجة والسعادة ويخرجون فيه إلى الأسواق للنزهة كعمل ترفيهي لا علاقة له بأمر شرعي…!

وبعدما فشلوا في إثبات البدعة وفشلوا أيضا في إنتاج الإبداع للدنيا … قالوا كيف لنا أن يستمر فينا يوم كان لغيرنا من الأمم….؟

قلنا لهم وهل الإسلام يقطع مسارات الناس وأفراحهم التي لا تتعارض وأهداف الشريعة أو مبادئ الديانة؟

إن الإسلام قال نبيه العظيم لزوجته بعد فتح مكة وإزالة الأصنام … لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشًا حين بنت البيت استقصرت، ولجعلت لها خلفًا…!

الإسلام نفسه قد قبل بناء قريش المشركة للكعبة التي هي بيت الله ومارس حولها المسلمون شعائر الإسلام دون إنكار لفعل قريش الكافرة واستمرت يد قريش التي بنت الكعبة على أساسها هي التي تمارس اليوم حولها أمة الإسلام شعائر دينها على غير ما يهوى رسول الله وعندما ضرب الكعبة جيش يزيد ابن معاوية بالمنجنيق وتفرقت حجارتها … أقامها من جديد عبد الله بن الزبير على قواعد إبراهيم كما كان يأمل رسول الله … فلما ضربها مرة ثانية جيش الخليفة واحترق المسجد الحرام على يد أمير المؤمنين عبد الملك من خلال واليه الحجاج أعادوا بناءها على قواعد قريش لا إبراهيم كما هي اليوم…!!

فأين صوتكم الذي حرق القلوب بموقعة الفسيخ القادم إلينا من أمة أخرى؟!

الإسلام لا يعادى الأيام الجميلة في حياة الناس ما لم تتصادم ومبادئه الراسخة في ضرورة البعد عن المنكرات أو إهمال الطاعات وهذا اليوم المصري الجميل هو من باب الزينة التي أخرجها الله للناس وجعل الفرحة والفسيخ والبالون والتزين بالورود زينة الله التي أخرج لعبادة ما دامت تساهم في سعادتهم ونشر المودة بينهم .. فما وجه الحرمة إذن؟

وهو كما يحكي التاريخ بالمغزى الذي فهمه كل الأولون الذين جاءوا إلى مصر وفقهاء الإسلام الذين كتبوا فقههم من مصر وعاشوا مع المصريين ورأوا احتفالاتهم وأيامهم الجميلة…

فلم ينقل لنا التاريخ مثلا اعتراض لعمار ابن ياسر أو محمد ابن أبى بكر الشهيد أو قيس بن سعد ابن عبادة وغيرهم ممن جاء مصر وخالط أهلها وتابع أيامهم فهلا ينقلون لنا منهم اعتراضا تبني عليه السلفية الشمطاء نزقها…؟

ثم من بعدهم جاء الشافعي الفقيه وكتب آراءه الفقهية من جديد والتي انتشرت في العالم كله كمذهب من مذاهب المسلمين وقد خرج من هنا … من بين هذه الصفوف التي لم يلوثها تنطع المتنطعين الأغبياء حمال أسفار البادية من غلاة الحنابلة الذين جاءوا لنشر الكآبة وإزهاق الأفكار المبدعة وقتل المخالفين وتكفير المسلمين…!

فهلا نقلتم رأيا للشافعي الذي كان هنا جارا لصفيحة الفسيخ وزبونا لحزم الخس والجرجير المصاحب لمذاق الليمون المثير في هذه المناسبات السعيدة…؟

ولكن لا عتب عليكم يا تجار الفتاوى الفاسدة … فهذا هو النتاج الطبيعي لبطالة عقول لم تكلف نفسها البحث في فضيلة التفكير الصالح الذي يتوقفون به عن استجداء أمريكا أو الذهاب إليها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط