الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليس منا من لم يوقر إمامنا


من الواضح للعيان تلك الهجمة الشرسة التى يتعرض لها إمامنا الأكبر وعالمنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الطيب وتلك الهجمة الشرسة ليست عليه وحده ولكنها على كل ثوابت وقيم الوطن والأمة وتدل دلالة خطيرة ألا وهي ضياع الأدب وضعف الإيمان فإذا كان توقير الكبير جزء وشعبة من الإيمان فلنا أن ننبه على أن ما يحدث الآن من هجوم على الإمام الأكبر من الظواهر الاجتماعية المؤرقة والمؤلمة حقا فقد الأدب بين الصغير والكبير، فالصغير لا يعرف للكبير حقا ولا توقيرا وإذا صدرت تلك الصغائر ممن يطلق عليهم البعض بالنخبة وأغلبهم من العلمانيين كانت الطامة الكبرى لأنهم يتحملون مسئولية كبرى بمكانتهم التى وصلوا إليها فعليهم أن يكونوا قدوة فى أقوالهم وأفعالهم وإذا كان العلمانيون منهم يرفضون تسميتهم باللادينيين فعليهم أن يهتدوا بهدى الإسلام ويلتزموا بحديث خير الأنام . 

وبالعودة لهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تنضبط الأمور وتستقيم الحياة، ويعطي كل ذي حق حقه، فيعم الخير وينتشر الود والحب بين أفراد المجتمع .وإذا كانوا من العلمانيين المتدينين كما يدعون فعليهم أن يتبعوا تعاليم الدين ويتعلموا هدى وأدب النبى الكريم للمسلمين

عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : جاء شيخ يريد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : 

( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ) (الترمذي) مجرد أنه كان شيخا كبيرا فى السن اعتبر الرسول إبطاءهم فى التوسعة له وإفساح المكان له عدم توقير فنهرهم بشدة وقال إن من أبطأ فى توقير الكبير ليس من المسلمين فماذا عن هؤلاء ممن يتطاولون على الإمام الأكبر ويتجاوزون فى الحديث عنه وينالون منه . ماذا نطلق عليهم ؟ وماذا نسميهم حسب قول الرسول ؟
أقول لهؤلاء ممن يدعون العلم والثقافة هل سمعتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة )(الترمذي) . وما شاب إمامنا الأكبر إلا فى خدمة الإسلام والمسلمين وهى بمشيئة الله ستكون له نورا يوم القيامة أما أنتم ففي أى شىء كانت شيبتكم ؟

ما أرى شيبتكم إلا فى خدمة أعداء الأمة وأعداء الدين وتمجيد أهل الفسق والفجور من المنحلين، والله تعالى يكرم الرجل الصالح الذى يفنى عمره فى خدمة الإسلام وكذلك يكرم حامل القرآن ويطلب منا أن نكرمه نحن أيضا إجلالا لله لأنه خادما لله فى أرضه فما بالكم إذا كان إمامنا الأكبر توافرت فيه الصفتان.

عن أبى موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط )(أبو داود)

إن من كرامة إمامنا الأكبر أنه يكون هو الإمام لأى جماعة من المسلمين من الشرق أو الغرب ومن أى دولة فى العالم يجتمع فيها المسلمون من أهل السنة للصلاة فلن يكون لهم إمام غيره فاحترامه ومكانته يعرفها القاصى والدانى وكلامكم لن يضره شيئا بل أنتم لو كتب لكم الصلاة فى مكان هو فيه فستقفون خلفه مأمومين رضيتم أم أبيتم فليس هناك من يصلح منكم للصلاة خلفه فضلا عن أن يصبح فى مكانه أو مكانته

وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ‏ وإذا كان الله أنزله أعلى منزلة فلن تضره أقوالكم ولا أفعالكم بل هى مردودة عليكم من أبنائكم وممن يتتلمذ على أيديكم لأن تلامذتكم السوء والإساءة يتعلمون منكم. 

ولا يمكن لحد أن يشكك فى أنه عالم بل وضعه الله فى منزلة أكبر الأئمة والعلماء والواجب على الأمة كلها احترام العلماء من القدامى والمحدثين كما يجب علينا توقيرهم وإنزالهم المنزلة التى أنزلهم الله تعالى إياها حيث قال تعالى " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (آل عمران: 18).

قال الإمام القرطبي -: (في هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم، فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه، واسم ملائكته كما قرن العلماء) .

كما قال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسيره: (وفي هذه الآية فضيلة العلم والعلماء، لأن الله خصهم بالذكر من دون البشر وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وجعل شهادتهم من أكبر الأدلة والبراهين على توحيده، ودينه، وجزائه وأنه يجب على المكلفين قبول هذه الشهادة العادلة الصادقة، وفي ضمن ذلك: تعديلهم، وأن الخلق تبع لهم، وأنهم هم الأئمة المتبعون، وفي هذا من الفضل والشرف وعلو المكانة ما لا يعادل قدره).

وقد ميز الله العلماء بالدين عن غيرهم وجعلهم المرجع للمسلمين المؤمنين فى أمور الدين فقال تعالى ".. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.."الزمر 9 ورفع العلماء درجات فوق درجات فقال تعالى ".. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) المجادلة

قال الطبري - رحمه الله - : (يرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين الذين لم يؤتوا العلم، بفضل علمهم درجات إذ علموا بما أمروا)، كذلك أوجب - سبحانه وتعالى - الرجوع إليهم وسؤالهم عما فيه إشكال بين الناس، قال الله تعالى
"..فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)النحل وليعلم هؤلاء أن العلماء هم ورثة الأنبياء. 

فهم المفضلون بعد الأنبياء على سائر البشر، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: "فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا و لا درهمًا، ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" رواه أحمد والترمذي وأبو داود.

وإذا كان العلم الذي أوحى الله به إلى الأنبياء قد ورثه العلماء، فإن العلماء أيضًا ورثوا شيئًا من الاعتبار الشرعي للأنبياء، فالأنبياء مبلغون عن الله، والعلماء مبلغون عن الأنبياء، فلهم منزلتهم ومكانتهم، حيث ورثوا هذا الشرف بشرف الموروث. فلابد من توقيرهم وتقديرهم لما يحملونه من ميراث النبوة.

وليس معنى ذلك أن النقد غير مقبول ولكن النقد له آداب يجب أن يلتزم بها من ينقد ومن لا يعرف آداب النقد فعليه أن يلتزم الصمت.
 
د. إلهام محمد شاهين 
قسم العقيدة والفلسفة 
جامعة الأزهر 


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط