الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحقيقة الغائبة وقضايا احتكار الدواء


في مطلع شهر أبريل كانت تتداول بأروقة المحاكم الاقتصادية، قضية مثيرة استوقفتني كثيرًا وهي محاكمة 13 مستثمرًا ، فى قضية سميت بقضية " الاحتكار فى قطاع توزيع الأدوية" ، حسبما جاء بأوراق القضية وأنها يتورط بها عدد من رؤساء شركات توزيع الأدوية بدعوي اتباع سياسات أدت إلى رفع أسعار الدواء فى السوق المصرية .

وهنا يا سادة ليس مهمًا معرفة من رفع هذه القضية أو علي من رفعت ولكن المهم علامات الاستفهام التي تدور حول هذا النوع من القضايا والتخوف من سيف يسلط علي رقاب المستثمرين لتطفيشهم من الاستثمار في هذا القطاع الهام والحيوي الذي يعد من أركان الأمن القومي المصري لأنه يتعلق بصحة المواطنين.

فإن مثل هذه القضايا تتشابه مع قضايا الحسبة وتقع تحت طائلة العوامل السلبية الطاردة للاستثمار الوطني الذي نسعي إلي تنميته جميعًا ويمكن أن يكون خلفها أعداء النجاح أو أصحاب المصالح أو بعض المستأجرين لغرض ما وقطعًا لن يكون غرضًا وطنيًا كما يدعي البعض .

فبعد أن تخلت الدولة عن مسئولياتها لسنوات وعقود طويلة في تنظيم عملية سوق الدواء وتركت الملعب خاويًا على عروشه بعد خصخصة القطاع فكانت الفرصة سانحة للاستحواذ عليه من قبل المستثمرين الأجانب أو المستثمرين المصريين ولكن لم نجد وجودا للمستثمر الأجنبي علي أرض الواقع ولكن وجدنا المستثمر المصري صاحب رأس المال الوطني هو من يغامر ويقود المنظومة وقد نجح البعض وأخفق الآخر، وسارت الأمور علي هذا النحو لعدة سنوات حتي تعويم الجنيه فحدث ما كان متوقعًا وارتبك سوق الدواء واختفت بعض الأصناف.

والحقيقة الغائبة هنا هي تعثر المستثمرين المصريين في استيراد المواد الخام من الخارج التي تأتي بالعملة الصعبة والتي تعد العائق الوحيد لأي نوع من التجارة أو الصناعة وبالتالي تعطلت خطوط الإنتاج ونتيجة ذلك انتهي مخزون الشركات المنتجة ، مما نتج عنه تراكم الديون الخارجية علي بعض هذه الشركات المصنعة للدواء الأمر الذي دعا بعضها إلي إيقاف الاستيراد، ومن هنا دبت أزمة الدواء ما بين شركات الدواء وغرف الصناعة والتجارة من ناحية ونقابة الصيادلة ووزارة الصحة من ناحية أخري وسكب الإعلام زيته عليها وكان الضحية هو المواطن المسكين.

يا سادة المسألة ليست في مصنعي الدواء أو مستورديه فقط ، إنما الأزمة الحقيقية هي أزمة حكومات تناست ما عليها من مسئوليات لعقود طويلة وتركت الباب علي مصراعيه لبعض النفوس الضعيفة لتلعب بالمنظومة كلها وتعبث بها .

الأمر في غاية الخطورة لأنه يتعلق بصحة المواطن وباقتصاد وطن يتم التآمر عليه من كل من هب ودب لأهداف شخصية وليس لمصلحة وطنية ولذا كان لزامًا علي البرلمان المنتخب أن يتدخل ليحمي هذه الصناعة الإستراتيجية من الانهيار بسن قوانين جديدة تواكب السوق الحديثة وأن يتخلص من غابة القوانين القديمة التي تتعارض جميعها مع بعضها والضحية أيضًا هو المواطن المريض الذي يدفع فاتورة الجميع.

الأمر يحتاج لقرارات وقوانين جريئة ، تحمي وتصون حقوق الجميع بداية من مستوردي المواد الخام ومرورًا بالمصنعين والموزعين ووصولًا لصاحب المصلحة الأولي والأخيرة في ذلك " المريض " نعم المريض الذي يئن من المرض هو صاحب المصلحة قبل المنتج والمستورد .

والخلاص من ذلك كما قلنا ، هو تفعيل العدالة بين الجميع وإيقاف المتربصين بصحة المواطنين ومخطط تدمير هذه الصناعة سواء من الذين يتجولون داخل ساحات المحاكم لترهيب المستثمرين أو من يتاجر بصحة المريض ويخفي الأدوية بهدف تعطيش السوق لرفع أسعار بعض الأدوية .

وفي النهاية إذا أردنا أن تكتمل المنظومة فعلي الدولة أن تتحمل مسئولياتها في تفعيل هذه العدالة للتخفيف عن المرضي وطمأنة رأس المال الوطني لكي يعمل دون تخوف أو ترهيب ... سننتظر ماذا سيحدث في هذا الملف الهام وسنتابع حتي نلتقي.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط