الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قرأنا في الابتدائية


في أواخر السبعينيات، وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، وكنا حديثي عهد بنصر أكتوبر على الصهاينة، واستعادة الشرف والكرامة والأرض، في المدرسة الابتدائية، حين كانت هناك بقية من القومية، والتحدي، والصمود، كنا نتلو أناشيد الحماسة والحرب في طابور الصباح، ونقرأ موضوعات عن الاتحاد والعمل والمثابرة، كنا نقرأ عن هذا موضوعات سهلة، فيها الرسائل المباشرة وغير المباشرة.

كنا نسمع في طابور الصباح، ونحن في أولى ابتدائي، الأناشيد التي تهتز بها فصول المدرسة من حناجر رجال سنة 6 و 5 ابتدائي.

كل المدرسة تقف صامتة وينطلق الرجال، الذين كنا نراهم محاربين، بأناشيد قوية وجمل تزلزل الكيان ، أذكُر منها مقاطع وأتمنى لو وجدتها "يا بلادي كبري" من التكبير "وأسعدي في كل حين ... عبرنا يا أبتِ والضفة الشماء تدعونا ... وكنا حولهم أُسدا وكنا فوقهم نارا، ورسالة من الميدان".

بعضها كان يُغنى ويُنشد في طابور الصباح، وبعضها كُنا ندرسه في كتب القراءة،...تشوشت لدي الذكريات تحديدا، ولكن بقيت الروح.

من الأشياء التي قرأناها، "لي أخُ مجند ..اسمه محمد ..قام في الصباح ..يحمل السلاح".

وقرأنا أيضا، ساعي البريد، الذي جاء بخطاب من المدينة الباسلة، بور سعيد.

ومما قرأنا، عمي حسن زرع، أظنه زرع بصل أو كرنب، وأخذ يروي ويحرث ويحرص، ويرعى، حتى كبُر الزرع، وكانت هناك بصلة، أو ربما كانت كرنبة، لاأذكر تحديدا، كبُرت بشكل مختلف، وكانت ضخمة جدا.

وجاء يوم الحصاد، واقتلع عمي حسن كل الكرنب أو البصل، ما عدا الواحدة الكبيرة جدا، وظل يقتلعها دون فائدة.
ولما رأى علي جار عم حسن - وهو صبي في سننا في الابتدائية، كما كان يبدو في الصور الملونة الجميلة- لما رأى عم حسن يحاول خلع الزرعة الكبيرة ولا يقدر عليها وحده، جاء مسرعا للمعاونة، و أمسك بعم حسن وأخذ يعاونه في الـ"الشد".

ولما لم تُقتلع الزرعة الكبيرة، ورأت نرجس هذا، التحقت مسرعة بقطار "الشد" الذي بدأ يطول، ثم جاء الكلب، والقط، والفأر..وهكذا تضافر الجميع حتى أصحاب القوى الصغيرة.

و أخيرا انخلعت الزرعة فجأة، فسقط الجميع على الأرض فرحانا، وضحك عم حسن وعلي ونرجس، وضحك كل من الكلب والقط والفأر.

وقرأنا عن الأرنب الغضبان، الذي كرِه أكل الخس والجزر كل يوم، و"غضب على العيشة وال عايشنها" ولم يستمع لنصائح ونداءات أمه، وترك بيته مغاضبا، فاحتار وتعذب أشد العذاب، ولم يجد ما يأكله، فعاد معترفا بالخطأ ندمان، طائعا لأمه، راضيا بأكل الخص والجزر.

وقرأنا عن الرجل الحكيم الكبير، الذي شعر بدنو الأجل، فجمع أبناءه وطلب منهم كسر حزمة الحطب، فلم يستطع أي منهم، فوزع عليهم الحطب عودا عودا ، فكسروا كل العيدان، وتعلمنا منه أن الاتحاد قوة.

قرأنا وقرأنا وكنا نتمنى مرور السنوات حتى نصبح رجالا في سنة 6 لنغني أناشيد الحماسة، وليتقدم رجل منا ثلاث رجال أمام الطابور، ليهز المدرسة والمنطقة بتحية العلم ...تحيا مصر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط