الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الصمت العربي وشمالي سوريا


تتعرض مناطق شمالي سوريا لهجمات ممنهجة من قِبل قوات الجيش التركي وذلك على كامل الحدود الفاصلة بين سوريا وتركيا، بدءًا من ديريك وحتى عفرين على امتداد الحدود، حيث قام الطيران التركي بقصف مواقع وحدات حماية الشعب والمرأة وكذلك قوات سوريا الديمقراطية المتمركزة على الحدود وكذلك قصف القرى والمدنيين بالمدفعية والدبابات تحت حجج وديماغوجية كبيرة تريد من ذلك إيهام العالم أنها تدافع عن نفسها من عدو مفترض غير موجود إلا في مخيلتها، أو يمكننا تسميته بالكردفوبيا الذي بات يدك مضاجع الحكومات التركية المتعاقبة وحتى أخرها المتمثلة بحكومة أروغان الاستبدادية.

كتبنا كثيرًا عن علاقات الدولة التركية بكافة مؤسساتها المدنية منها والحكومية وكيف أنها تقدم الدعم والمساندة للارهابيين الذين ترسلهم تركيا عبر حدودها بعد تدريبهم وتسليحهم نحو سوريا وذلك تنفيذًا لأجنداتها الاستعمارية والاقصائية. كذلك نشرت الكثير من وكالات الأنباء المحلية والاقليمية والدولية عن هذه العلاقة العضوية والبينية بين تركيا والفصائل الارهابية بغض النظر عن مسمياتها لأنها معظمها تحمل نفس العقيدة السلطوية والتي تتقنع بالدين، حتى تم اخراج الثورة السورية من جوهرها التي نادت به في بدايتها من أجل الحرية والكرامة ووصلت الآن عن طريق فصائل المرتزقة إلى مستوى من الانحطاط بأن باعت الثورة للخليفة العثمانوي اروغان التي توصفه هذه الفصائل بـ "شيخ الثورة" والذي هو نفس الصفة التي كان يحملها اسامة بن لادن.

يدرك الشعب الكردي أسباب الهجمات التركية على شمالي سوريا وخاصة في هذه المرحلة الحساسة التي وصلت إليها الحرب على داعش والارهاب في سوريا. حيث بات القضاء على داعش مسألة وقت ليس إلا، حيث أن وحدات حماية الشعب والمرأة المنضويين تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية لقّنت داعش الضربات المتتالية وطهرت المدن والقرى والجغرافيا التي كان يسيطر عليها وينشر فكره الأسود على المدنيين في هذه المناطق المحررة بفضل مقاومة قوات سوريا الديمقراطية، وهذا ما ازعج تركيا وحلفاءها وعليه تحركت تركيا وأذنابها بشكل مباشر كي تحمي وتنقذ ما يمكن انقاذه ممن تبقى من عناصر داعش في سوريا، كما فعلت في العراق حينما انشأت معسكر لها في بعشيقة تحت حجة محاربة داعش وتحرير الموصل، إلا أنَّ هدفها الاساسي كان انقاذ داعش وامرائهم من الموصل، لكن موقف الحكومة العراقية أعاق وعرقل هدفها، لكنها لا تريد تكرار نفس الموقف في سوريا أيضًا. لذلك نراها أعدت نفسها للتوغل في الشمال السوري وضرب قوات سوريا الديمقراطية للوصول إلى الرقة وحماية زبانيتها من الارهابيين من الموت المحتوم.

لا يهم تركيا تحرير الرقة أو المدن الأخرى من الارهابيين لأن تركيا هي من ربتهم ومولتهم ولهم معسكرات كثيرة ضمن تركيا وبالقرب من الحدود السورية. المهم بالنسبة لتركيا هو ضرب التجربة الديمقراطية الوليدة في شمالي سوريا خوفًا من أن تؤثر هذه التجربة على تركيا بحد ذاتها والمنطقة عمومًا. منطقة وليدة اختارت لنفسها النظام الفيدرالي الذي يعيش فيه الجميع من مكونات المنطقة من عرب وكرد وسريان وأرمن وآشورين مع بعضهم البعض على أساس أخوة الشعوب والتكاتف لحماية هذا النظام. إنه النظام الديمقراطي الوحيد في منطقة تعج ومليئة بالنظم الاستبدادية والديكتاتورية والشوفينية القوموية منها والدينوية.

كلنا يدرك أن امريكا وروسيا والدول العالمية لها أجنداتها الخاصة في المنطقة وأنه لا يهمها مطلقًا حرية وكرامة الشعوب وهذا ليس بالشيء الجديد، وهذا ما نراه بكل وضوح بقاء الامريكيين والروس في موقف المتفرج لما تتعرض له سوريا بشكل عام من استباحة للجميع. ولكن أن يبقى العرب في هذا الصمت والموقف المتفرج كالذي لا حول له ولا قوة، هو ما يزيد الشكوك لدى شعوب المنطقة في مصطلحات كثيرة وخاصة الأمن القومي والعربي والسيادة الوطنية وغيرها من مصطلحات.

ينبغي أن يدرك العرب أن الأمن القومي العربي يبدأ من حدودهم الشمالية وخاصة من شمال سوريا والعراق، وأن هذه المنطقة تشهد الآن هجمات كبيرة من الفاشية الاردوغانية والتي هدفها إعادة السلطنة العثمانوية والسيطرة على المنطقة بأكملها وليس فقط على كم قرية هنا أو هناك. الكرد والعرب والسريان والأشور هم أخوة توائم ولا يمكن لأي كان أن يفصلهم عن بعضهم البعض، وهذا لي بشعار يطرحه الكرد بقدر ما هو تعبير حقيقي عن التاريخ الحقيقي المخفي في جوهر المجتمع. هذه الشعوب توائم في الثقافة والتاريخ والمجتمع والحروب والأفراح والأتراح وكل ما يخص المنطقة.

هل يدرك الأخوة العرب هذه الثنائية ويعملوا على بعثها من جديد أم أنهم سيبقون كمن يتفرج على موت أخيه حتى يأتي الدور عليه ونترحم على الجميع. وليعلم الكل أن الكرد ومعهم شعوب المنطقة يحاربون ويصدون العدوان التركي ليس فقط عن أنفسهم، بل هو صون وحماية لكرامة المنطقة بأكملها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط