الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مرحبا بالحبر الأعظم .. في وطن القداسة


صلة روحية لا يمكن أن تغيب .... تبقى كالحبل السري الذى يحمل الروح ويمنح النبضات للوريد ما بين روما وعروس المتوسط الإسكندرية ...

فإلى روما ذهب داعيا تلميذ المسيح المقرب القديس بطرس الرسول حتى سقط في مواجهة الوثنية شهيد الكرازة لتقام حول جثمانه الطاهر كنيسة القديس بطرس ويصعد على كرسي كرازتها آباء الكنيسة الكاثوليكية في العالم خلف خط القديس بطرس وتعاليمه التي أخذها من فم المعلم والراعي الصالح المسيح ابن مريم عليه السلام ..

وإلى الإسكندرية رحل بدعوته أحد تلاميذ المسيح الذين سمعوا منه وتوقفوا أمامه واحتموا بظلاله وكتبوا إنجيلا جليلا بتعاليمه وبيانه ليصبح القديس مرقس صاحب الإنجيل الشهير حواريا مخلصا للمسيح ومتعلما نجيبا على يد بطرس الرسول أيضا حيث يذهب إلى شمال أفريقيا حاملا تعاليم المعلم إلى الفضاء التائه حول الضلال لا يلوى على شيء غير هداية الناس للنهج المسالم وللمحبة التي تجمع أشتات الهاربين منها والمتألمين بغيبتها ...!

ليبقى سعي وجهود القديسين الأوائل عملا جبارا في مضمار الجهاد والإصرار ...

وفي حواري وأزقة الإسكندرية الثغر الباسم على شواطئ المتوسط وبالمدينة الصغيرة يُقطع حذاء القديس مرقس... الذى أتعبه المشي وأضناه السعي خلف رسالته التي حملها من معلمه وراح بها مبشرا في الأرض...

وأمام محل إسكافي جلس وقد وضع إلى الجدار ظهره ليلتقط بعض أنفاسه والإسكافي يباشر إصلاح حذائه...

كان إتقان العمل أسلوب حياة للأمة المصرية الطيبة التي آوت المسيح وأمه الطاهرة ... وجعلت بركتهم تنتشر بأرضها وتظلل بالخير والكرامات شعبها ..

نهض الإسكافي وهو يتفرس في ملامح الرجل الغريب عنه ... وأراد أن يسرع في عمله كي لا يضيف لإرهاقه بعض التأخر والتعب ...

ونتيجة لهفته انغرست إبرة الإسكافي في أطراف أنامله وهو يتابع عمله فصاح - يا الله الواحد -...

فلقد كانت الوحدانية هوى يسري في وجدان المصريين رغم ما تفرضه الحكومة الرومانية المحتلة من عقائد وثنية على الأمة ..

هنا طرقت الكلمة .. الله الواحد .. أسماع القديس مرقس بعدما تسربت من فم الإسكافي حنانيا الذى أصبح فيما بعد أسقفا في كنيسة القديس مرقس.

يتابع صاحب الكرازة المرقسية طريقه إلى بلاد برقة بعدما ترك حول حنانيا نواة طيبة تكبر حولها دعوة المسيح الطيبة .. ثم سرعان ما عاد ليتابع مهامه التبشيرية والتعليمية للنواه المهتدية في الإسكندرية ... غير أن الوشايات تلاحقه وجهل الدهماء يحتشد بمواجهته .. وقد سعى الأغبياء لنصرة العقائد الوثنية للدولة الرومانية المحتلة على عقيدة .. الله الواحد ... ويتم الإمساك بالقديس مرقس ليسحل على يد الغوغاء في الشوارع التي جاءها بقلبه ودعوته.... وحيث كانت شهادته قامت كنيسته ...

اليوم يلتقيان مجددا في يوم جمعة مجيدة تتشرف بقدوم الحبر الأعظم البابا فرنسيس الثاني خليفة بطرس الرسول وراعي كرسيه البابوي في روما للقاء انتظر طويلا ليكون بحضرة كرسي مرقس الرسول الذى بارك مصر وأهلها ونشر بين الشعب دعوة المسيح ومحبته ..

تأتى الزيارة المباركة في لحظة تاريخية فاصلة نحن أحوج إليها الآن من أي وقت مضى والإرهاب يصنع بعالمنا محجنة من دماء لا تريد أن تجف .. والفكر التكفيري يبدع بين الوقت والآخر وسائل جديده يستخدمها بمكره لسرقة البسطاء من طريق الخير والسلام والمحبة كي يقذف بهم كوقود لتنشيط الأحقاد وإشعال الحروب بين الأمم ...!!

زيارة يرتجيها السلام ويطلبها الوفاق ويتبتل لأجلها مستقبل مثخن بالجراح ..

نأمل أن تكون بداية جادة لفتح الطريق أمام حوار عالمي جاد بين الأديان والمذاهب تكف فيه النزاعات ويحضر التفاهم ... نتجنب فيه الخلافات وتتعزز فيه المشتركات الفكرية والإنسانية .... يغيب عنه الماضي بمآسيه ليكون حاضرا دائم المستقبل بمراميه ..
وفي النهاية ... الناس جميعا مرجعهم إلى الله فينبئهم فيما كانوا فيه مختلفين ..

أهلا وسهلا بقداسة البابا في وطن القداسة ...

الوطن الذى جاءته براهين السماء فرفعها وقدمها للعالم كآيات من تسامح وعطاء قبل أن تنحرف المسارات التي ركبتها تيارات متطرفة من غلاة الإرهابيين الذين يزعمون جنونهم هداية وقتالهم عطايا .... وسحقهم للأمان تدينا واستقامة ..!!

أهلا بقداسة البابا فرنسيس في البقاع التي داسها المسيح والأجواء التي باركتها أنفاسه الطاهرة ...

ولنجعل من هذا اليوم عيدا سنويا للوحدة والسلام في مواجهة الإرهاب والتطرف العنف .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط