الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شعب سوري يوك أفندم


تتجه سوريا إلى إعلان حالة التقسيم المقنعة من خلال الاتفاق الذي تم في العاصمة الكازاخستانية الأستانة، فكل طرف سيكون في منطقته، مع حركة نقل ديموغرافي واسعة لتفعيل تنفيذ هذه البنود بشكل واقعي على الأرض، إلا أن اللافت في الأمر هو الإبقاء على جبهة النصرة في منطقة إدلب، وهي المنطقة التي تم فيها تجميع جميع عناصر المعارضة الذين أبرموا اتفاقيات مع الحكومة السورية بمباركة روسية، وباتت هذه المنطقة من أكبر المناطق التي تشهد تجمع للفصائل الإرهابية والجهاديين في العالم، حتى أن العديد من أمراء وعناصر داعش هربوا من الرقة ودير الزور والتحقوا بتنظيمات هذه المنطقة خصوصا النصرة وأحرار الشام وغيرها.

المعضلة في الموضوع هي إبقاء هذه التنظيمات على الأرض بكامل أسلحتها ومقاتليها التكفيريين، وهي تنظيمات تابعة لتركيا بشكل أو بآخر، ولن تشهد سوريا أو المنطقة ككل الهدوء التام بوجود هذا الضغط التركي الذي من الممكن تحريكه في أي وقت لتنفيذ أي من المخططات الأردوغانية في الشمال السوري، خصوصا من ناحية بسط النفوذ والتمدد على حساب مناطق أخرى وتنظيمات أخرى، وبمعنى أصح على حساب التنظيمات الكردية والتي تعاني رغم سعيها الدائم إلى إحلال الإخوة مع العرب من الهجمات الإعلامية التي تتهمها بطرد العرب من مناطقهم والعمل على الفرز الديموغرافي، علمًا بأن الفصائل العربية هي التي بدأت هذا الفرز من خلال الاتفاقات الثنائية مع الحكومة السورية والتي أمنت حركة انتقال الشيعة والسنة بين عدد من المناطق ليكتمل المشهد الطائفي التقسيمي.

والأخطر في هذه التنظيمات، أن لها التوجهات المتطرفة حتى بأشكال الحياة اليومية، وبالتالي فإن السوريين القاطنين في مناطق نفوذها وخصوصا إدلب، أن كانوا من السكان الأصليين أو أولئك الذين تم نقلهم إليها أو هربوا إليها بمحض إرادتهم سيكون عليهم العيش تحت رحمة مجموعة من المسلحين الإرهابيين التكفيريين، الذين فسروا الشريعة حسب الأهواء السياسية ومصالح الأمراء، حتى أن أشكال العقاب لها صورتها القبيحة كالجلد والصلب والذبح، سيكون على السوريين في هذه المناطق ارتداء اللون الأسود والامتناع عن أي من مظاهر فرح الحياة، وسيكون عليهم بمعنى أصح الإذعان للعقاب التركي الرامي إلى إخضاعهم على المدى الطويل، وبما أن السيطرة العسكرية الأكبر هي بيد هذه الفصائل لذا فإن إمكانية الانتفاض على الواقع تبدو مستحيلة، لذا فإن حركة الهجرة نحو مناطق سيطرة الحكومة السورية ستكون قريبة جدا وستشكل فضيحة بالنسبة لهذه التنظيمات.

وللتذكير فإن سوريا كانت تشتهر بالتنوع العرقي والديني، إلا أن مناطق النصرة في إدلب وهي حاليًا أكبر مناطق سيطرة المعارضة، لا تحتوي إلا على أبناء الطائفة السنية مع اختفاء للمكون الشيعي والمسيحي والكردي والأوشوري، باعتبارهم من الكفار وأهل الذمة، لذا فإن الإبقاء على هذه المنطقة سيكون نقطة سوداء بالتاريخ السوري، وسجل ملوث يلطخ التاريخ الجميل الذي لطالما تغنى السوريون به، ولا يتحمل مسئولية الوصول إلى هذا الواقع إلا المعارضين السوريين الأوائل الذين لم يقدروا الواقع كما يجب وسمحوا منذ الأشهر الأولى للثورة بالرايات السوداء بالتوغل في المناطق السورية حتى باتوا هم الحكام وأصحاب القرار.

وسيبقى الشرفاء من السوريين في بلاد اللجوء، وسيبقى من ادعى الثورة في البلاد الأوروبية التي كانت طموحه من الأساس، وكانت الهدف الأساسي من كتاباته أو إعلانه المعارضة، وسيبقى الشعب السوري تحت المقصلة لسنوات كثيرة قادمة، خصوصا وأن تركيا قالتها وبصراحة: شعب سوري يوك افندم...

وللحديث تتمة

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط