الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ألم يكن "الربيع العربي" أرضا ممهدة لمرور آمن للدواعش ؟!


بعد مرور ما يقرب من السبع سنوات علي اندلاع ثورات "الربيع العربي" ونزول الملايين في الشوارع والميادين العامة ثائرين علي حكامهم وأنظمتهم في بعض الدول العربية، مازالت تلك الملايين مترقبة لما ستؤول إليه أحوالهم فيما بعد تلك الثورات وحتى بعد سبع سنوات عجاف، فعلي الرغم من تحقق أملهم بالإطاحة بتلك الأنظمة إلا أنه ما زال الكثيرون منهم يخشون من وجود أياد خفية وراء تلك الثورات‏ التي لم تهدأ في بعض البلاد حتى الآن.

فهل حقا كان ربيعا! في اعتقادي أنه لم يكن ربيعا ولم يكن مثيره عربيا، ربما سموه الربيع العربي لإرضاء غرور المغرر بهم وجبر خاطر أهالي من ذهبت دماؤهم هباءا من الشعوب العربية المغلوبة على أمر جهلها!

أوهموا الكثيرين أنها ثورات حقيقية وحراك سياسي عظيم وكبير، هدفه التغيير الجذري للنهوض بالحرية والعدالة الاجتماعية على أرض الوقع بعيدا عن الشعارات المزيفة!

لكنها كانت أيضا مطية لمن كانوا يسعون حثيثا للتسلق إلى كراسي الحكم، الذين نهضوا من سباتهم وأضغاث أحلامهم وخلف أسوار المعتقلات والسجون، فحانت لهم الفرصة فنهضوا ، فقفذوا، فركبوا الموجة آملين في السيطرة على مجريات الأمور من فوق قمة السلطة وقلعة الحكم!

وفي الحقيقة لم يكونوا سوى عرائس متحركة في أيادي خفية فكانوا مجرد لعبة لئيمة في يد لئام، وأدوات استعملها مسئولو الحركة في الخطة المرسومة من سنوات بعيدة! أسوأ استعمال لإحداث فوضى عارمة.

تحت مظلةالحرية والديمقراطية ،الفوضى التي من خلالها ينفذون على أرض الواقع خريطة شرق عربي جديد يحفظ السلام الدائم للكيان الصهيوني والهيمنة الأمريكية ! فكان ما كان وعلى ما يبدو أن الخطة ما زالت تعمل بدقة.

فليس من محض الصدفة أن بعض الثورات لم تحسم حتى الآن كما في سوريا التي تحد اسرائيل وما زالت أرض الجولان السورية في حيازة اسرائيلية سارية.

وليس بمحض الصدفة عدم استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق الغني بالثروة الطبيعية من البترول وعلاقتها الحميمية بإيران.

وعليه أليس من البديهي أن تحمل داعش اسم العراق والشام مع إقرانها بالإسلام! ألم يكن الجيش العراق والجيش السوري من أقوى الجيوش العربية بعد الجيش المصري!

فلماذا لا نعترف أن الهدف هو تحطيم تلك الجيوش واقحامها في معارك داخلية وحروب أهلية مذهبية وسياسية لإنهاكها وتفكيكها وإضعافها على النحو الذي تصبح ممذهبة وهشة، ثم تتحول إلى جيوش معادية لشعوبها ويطلق عليها بدلا من جيش وطني في وجه العدو الحقيقي، إلى مجرد "عسكر النظام" وعليه أصبحت الثورات العربية أرضا ممهدة لمرور الدواعش مرورا آمنا في مسارات آمنة ومستأمنة ، وقد كان وحصل ، والكاسب هم تجار السلاح وتجار الدم ومسوقي مشروع الشرق العربي الجديد!.

أما في مصر فالثورة حسمت سريعا لكن تبقى الأوضاع متوترة على أرض الواقع في سيناء التي تحدها اسرائيل شرقا! مع وضع حماس والفلسطينيين في اعتبارات الخريطة وحيثياتها!

وليس من محض الصدفه ان تظل الانقسامات والفوضى سيدة الموقف في ليبيا! ويستمر تهديد مصر من ناحية البوابة الغربية حتى يظل الجيش المصري في حالة قلق وتوتر على حدودها مع ليبيا لتبقى قواتها غير مستقرة وغير متفرغة لمواجعة إرهاب داعش في سيناء!

ولا بأس من عمليات إرهابية هنا وهناك لضرب الأوضاع الأمنية في مصر وبالتالي الإقتصاد كله! واختاروا الكنائس كرسالة خبيثة للغرب أن مصر بها حروبا طائفية دينية لتعلو أصوات تتحدث عن اضطهاد وقتل أقباط مصر، لضرب سمعة مصر وإثارة الخلافات بينها وبين الدول التي تسعى لتقوية العلاقات معها، ومن جانب آخر لتأكيد أن الاسلام دين إرهاب ودم!

لتأتي الزيارة المباركة لقداسة بابا الفاتيكان لتخرس كل الألسنة المعادية والمتربصة لمصر، ويكفينا عناية الله بوجود حكماء عقلاء مخلصين من مشيخة الأزهر الشريف وباباوات الكنائس المصرية، ممن حيكت أفكارهم من النسيج المصري الخالص.

على جانب آخر من المشهد حسمت الثورة "الى حد ما " في تونس ولم تقم ثورة في المغرب والجزائر ! اما دول عربية اخرى كالإمارات وسلطنة عمان والأردن فيبقي الحال على ما هو عليه!

أما عن السعودية فيكفها حربا خاسرة في قتال عقيم ومستمر حتى إشعار آخر، ولا بأس من تدخل سعودي في الشام ضد بشار "العلوي" لتستمر وتشتعل نيران الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة، وحروب داخلية وصفت بالجرم والوقاحة والجهالة كما اليمن وسوريا والعراق!

والتي بالضرورة تستوجب تدخلات إيرانية مباشرة وغير مباشرة في الدول الثلاث الاخيرة! والغرض الايراني واضح ولا لبس فيه،ويظل التواجد الروسي هو المحير والغامض! مرورا بتركيا ومحاولاتها لفرض وجودها بكل الوسائل المتاحة في ظل علاقاتها الطيبة مع اسرائيل.

ومن العجيب أيضا استمرار دور جماعة الإخوان المتأسلمين في تأجيج نار العداء بين تركيا وقطر من جهة ومصر من جهة اخرى ! فقد أكلتهم نار الغيظ من بشائر استقرار مصر تحت إدارة نظام وجيش وطني خالص الوطنية ، نظام أراد " وبرغبة الاغلبية " أن يحرر بلده من هيمنة تيار إسلام سياسي كان هدفه إدخال مصر في مستنقع طائفي يورثنا وحل الفتن ولجج الاختلافات المصطنعة والمناظرات المعلبة!.

سبع سنوات هي عمر المشهد في الوطن العربي على مرأى ومسمع العالم كله بكل منظماته غير الحقوقية المؤمركة والمصهينة مزدوجة المكاييل متباينة المعايير ، فأصبحت شعارات ليس لها وجود عملي على ارض الواقع الملتهب!

ويبقى لدينا تساؤل أخير وليس بآخر : أليس من الغريب أن تقفذ داعش من فوق اسرائيل لتهبط سرا إلى سيناء، دون المساس بالكيان الإسرائيلي ولو بعبارة تهديد واحدة؟!

وتبقى الإجابة مستترة تحت الأنفاق ومقدرة على جانبي المعابر وغائرة في أعماق النوايا غير الصديقة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط