الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحب.. القاتل


من الأمثال الشعبية المشهورة فى التراث المصرى ( حبيبك يبلعلك الزلط ,,,,, وعدوك يتمنى لك الغلط ) وقد يكون هذا المثل صحيحا ومقبولا بين تعاملات الأفراد على المستوى الشخصى أو حتى على المستوى العائلى .... ولكن هذا المثل إذا تم تطبيقه على مستوى الحكومات أو الدول فإنه سوف يأتي بالتأكيد بنتائج كارثية.

وقد ظلت قصة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عالقة فى ذهنى ... وكيف ان بعض الصحابة لم يصدق ان النبى محمد قد توفاه الله .. وكان من هؤلاء الصحابة عمر بن الخطاب ( الخليفة الثانى للمسلمين ) والذى لم يتقبل هو وبعض الصحابة أن نبيهم وحبيبهم وقائدهم محمد بن عبدالله قد انتقل إلى جوار ربه .

وقد حكى لى أبى ( رحمه الله ) كيف ان عمر بن الخطاب هذا الرجل صاحب البأس الشديد والعقل الراجح .. عندما أوقف عقله عن العمل واستسلم فقط لقلبه وشعوره، قد وقف بين الصحابة وصاح فيهم : من سيقول إن "محمدا" قد مات .... فسأضرب عنقه بسيفى هذا. 

وقد ذكر لى أبى ( رحمه الله ) أن النقطة الفاصلة والتى قد تكون منعت فتنة وفرقة بين المسلمين كانت من أبى بكر الصديق ( الخليفة الأول للمسلمين ) والمعروف عنه انه صاحب قلب رقيق وعاطفة جياشة .... الا انه كان الأكثر تماسكا وتحكما فى عواطفه والاكثر إعمالا لعقله فوقف أبو بكر ليخطب فى الناس ويقول"
" أيها الناس من كان يعبد "محمدا " فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".

إذًا هناك أوقات قد تتغلب فيها المشاعر والعاطفة على العقل ,,,,, وعندها لايجب ان يسكت الجميع عن قول الحق والواقع، لأن .... السكوت..... قد يسبب فى المستقبل ( الفتنة ) .

وقد قرأت بعد ذلك فى كتب التاريخ عن الفتنة الكبرى بين على بن ابى طالب ومعاوية بن أبي سفيان وما تبعها من ظهور الشيعة وكيف ان حبهم لـ على بن ابى طالب قد جعلهم يسبون بعض الصحابة الكبار وكذلك يسبون أم المؤمنين عائشة وينكرون على فترة الخلفاء الثلاثة السابقين للخليفة الرابع على بن أبى طالب .... هذا فقط بسبب حبهم المفرط لشخص على بن ابى طالب وقد أدى هذا " الحب القاتل " الى تقسيم الدين الاسلامى الى مذهبين هما المذهب السنى والمذهب الشيعى.

وانقسم من الشيعة طوائف اخرى زايدت فى حب على بن ابى طالب مثل العلويين وغيرهم.

إن ما حدث ببساطة أن حبهم لشخص ( مهما كان هذا الشخص ) قد شطر الدين الاسلامى الى مذهبين .

وإذا ما انتقلنا الى واقعنا الحالى فسنجد ان البعض قد وقع فى نفس الخطأ " الحب القاتل".

وظهرت مجموعات مختلفة ومتناحرة (معظمها يغلب عليها العاطفة ) كل مجموعة تقوم بالدفاع عن رمز أو رئيس من الرؤساء السابقين لمصر.

وأصبح هدف كل مجموعة هو إبراز مميزات الشخص الذى يحبونه ونفى وإنكار اى خطأ او عيب له بل والعمل بكل جد واجتهاد على تشويه الرموز والرؤساء الآخرين .

واستغل أعداؤنا فى الخارج هذا الوضع البائس " الحب القاتل " لزيادة الفرقة والتفتيت للجبهة الداخلية خاصة أن أعداءنا قد خططوا من سنوات طويلة لتقسيمنا وتفتيتنا وقد ساعدوا فى تعميق هذه الفكرة وإشعال حرب ضروس يغذيها الاعلام والسوشيال ميديا والمساعدة فى تمويل وخلق قيادات لهذه المجموعات ( قد يكون البعض منهم مغيبا) .

فهناك مجموعة عادت من جديد وبعنف فى الدفاع عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ( الناصريون ) وهم يدافعون عن زعامة عبدالناصر وما فعله ويهاجمون بكل قوة أي رموز أخرى .

ومجموعة أخرى تدافع عن الرئيس الراحل انور السادات ( الساداتيون ) وهم يدافعون عن زعامة السادات وما فعله ويهاجمون اى رموز أخرى .

ومجموعة ثالثة أصبحت الان الاعلى صوتا وعنفا وهي المجموعة التى تدافع عن الرئيس الاسبق حسنى مبارك (المباركيين أو ابناء مبارك ) وما فعله وتهاجم وتنتقد بقوة وعنف أى رموز اخرى .

وأخيرا ظهرت على الساحة مجموعة يطلقون على انفسهم ( المطبلاتية ) ويدافعون عن الرئيس الحالي لمصر عبد الفتاح السيسى .

هذا بالطبع الى جانب وجود مجموعة تيار الاسلام السياسى او كما يطلق عليهم الشارع المصرى ( الخرفان ) وهم يدافعون عن دمية الاخوان المتأسلمين .

والحقيقة ....... إننا يجب ان نقرأ التاريخ جيدا ونحلله ويجب ان نعى الواقع الحالى ومخاطره .
يجب علينا ان نعمل عقولنا بجانب قلوبنا ,,,,,,,,,

فعبدالناصر والسادات ومبارك والسيسى هم جميعا رؤساء وطنيون ابناء مصنع الوطنية المصرية ( الجيش المصرى العظيم ).

حاول الرؤساء السابقون منهم ... أن يصلحوا قدر استطاعتهم طبقا للظروف الداخلية والخارجية سواء كانت دولية او اقليمية والتى تغيرت من فترة لأخرى ومن عصر لآخر.

أصابوا فى بعض القرارات وأخطأوا فى البعض الاخر ( لأنهم بشر ) ولكن يبقى انهم وطنيون .

وعلينا نحن ..... أن ندرس كل تجربة والظروف المحيطة بها فى وقتها لنعرف مميزاتها ونقاط القوى لنبنى عليها وأن نعرف عيوبها ونقاط الضعف لنتجنب تكرارها.

وبالتالى فبالتأكيد سوف يكون هناك مديح لبعض القرارات وانتقاد لبعض القرارات وليس من المنطقي أن تقوم كل مجموعة بشن هجوم نارى وقاتل ومدمر لكل من ينتقد رمزهم .

يا سادة انكم تحت فكرة ( الدفاع عن الوطن ) وتحت شعار انكم ( الأكثر وطنية ) وتحت مقولة انكم ( الداعمون للدولة ) تقومون بزيادة حالة الاحتقان بل والانقسام للشارع المصرى ولا تريدون ان تسمعوا إلا عبارات المديح والتهليل ,,,, والا سوف تكون خائنا او عميلا او متحولا او سيقال لم يحصل على المنصب .

ياساده انكم تنفذون ما يريده أعداؤكم بالخارج.
ومن قال إن أى رئيس من رؤساء مصر الوطنيين يحتاج ان يدافع عنه احد .... فالتاريخ لا يمحى. 
ومن قال ان الرئيس السيسى يريد من أحد ان يهلل له أو يدافع عنه أو عن قراراته .

يا سادة ما يريده منا الرئيس السيسى هو ان نعمل بجد واجتهاد وضمير من اجل ان تنهض مصر وتخرج من كبوتها.

يا سادة علينا أن ننتمى فقط الى مصر وأن ندافع عن وحدة المصريين " على أقل تقدير وحدة كتلة 30 يونيه
والتى انقسمت وتفتتت الى أجزاء وأجزاء وأجزاء .

" من كان يحب الاشخاص فإن الاشخاص زائلون ومن كان يحب مصر فإن مصر باقية الى يوم الدين".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط