الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطاب الوحدة الوطنية حبر على ورق وكلام معسول !!


أبسط مؤشرات الجهل بمفهوم الوحدة الوطنية وحقيقة جوهرها ومدلولها وحتمية تفعيلها بواقعها الصحيح ،هو كل ما يقال في مهرجانات وندوات ومؤتمرات وحوارات الوحدة الوطنية بين مسلمي ومسيحي مصر من خطب رنانة وكلام معسول عبر أثير الإعلام المصري ومن فوق منابر دعاة وزارة الأوقاف والأزهريين حتى أن المثقفين وقعوا في هذا الخطاب المعتاد.

فهو حديث مكرر وقديم لدرجة - الملل - نفس الأصوات ونفس الأقلام ، نصوص معلبة ومعدة سلفا ، ويمكنك أن تتأكد من صحة هذه المقدمة فما عليك سوى مراجعة كل ما قيل ويقال وما كتب ويكتب عند كل حادث أو خلاف أو أية مشكلة بين مسلم ومسيحي مصريين ! ستجده نفس الخطاب نفس الكلام المعسول نفس التسطيح نفس المسكنات نفس التسويف ! يبرد الجرح شيئا فشيئا وتهدأ الأعصاب قليلا ويخف الألم ظاهريا ، عندها يوضع " الاسكربت " البليغ المنمق الراقي والحنون " ذات الرونق الخاص " - يوضع في أدراج أرشيف القنوات الإعلامية وغير الإعلامية ، حتى إشعار آخر مع حادث جديد أو أعياد مسيحية أخرى !.

ويستمر القلق وتبقى وأوجاعها راسخة ومتراكمة في أغوار النفوس وخلف ستائر التناسي وظلال ثقافة التعايش السلمي ! ويبقى الحال على ما هو عليه وما في القلوب في القلوب ،،

فيا علماء الكلام من أهل الدعوة الكرام كفاكم ما قلتم من خطابات المن والسلوى التى منحتموها بصكوك موثقة من الشريعة الإسلامية على أهل الكتاب من المسيحيين المصريين ! من فضلكم توقفوا عن كلام تعتقدون أنه يسعدهم لكنه - في إعتقادي- يغضبهم لأنه كلام يشعرهم بأنكم متعالون عليهم وأنكم منحتوهم الحياة والبقاء بدخول الإسلام مصر ! إرحموا عزيز قوم بقي على دينه ! أرحموهم من تذكيرهم دوما بأنهم كانوا أذلاء تحت حكم الرومان فنصرتوهم ،وخلصتوهم من فلول التعذيب والإذلال ! حتى وإن كان ذلك "حقيقة " فلا داعي بتذكيرهم به كل حين وعلى كل منبر ! كفاكم تذكيرا لهم بأحاديث نبينا عن الأقباط والنصارى ، فهم حقا غير أعداء كعداء الصهيونية العالمية للمسلمين لكنهم أيضا غير مؤمنين بنبي الإسلام حتى يتأثروا بكلامه بهذا الشكل وبهذه الطريقة وفي هذه المواقف تحديدا ! وعلى عكس ذلك أبدع احد كبار مشايخ الأزهر في تكفيرهم وحكم حكم نافذ لا رجعة فيه بدخولهم النار !!

كفر عن سيئاتك قبل أن تكفر غيرك يا مولانا !!

- رجاء لا تمنوا فأنتم لم تمنحوهم صك الجنسية المصرية ولم تصدروا رخصة الإقامة في مصر هبة منكم ! وكأنكم تقولوا أن الإسلام حاربهم وانتصر عليهم فأصبحوا من وقتها أسرى أو درجة تانية "بدون " ! أو أنكم ومن عظيم كرمكم عفوتم عنهم فالغيتم الجزية ! فجزاكم الله خيرا ما قصرتم !!

- لم أكتب بإسم إخواننا المسيحين ولا نيابة عنهم ولم يفوضني أحدهم كي أكتب مقالي هذا ، لكني أكاد أشعر بما في قلوبهم من غيظ من وقع خطابات التهدئة الوطنية وذلك من خلال مشاهداتي ومعايشتي لزملاء وأصدقاء وجيران " فإذا دققت في ملامح وجوههم عند سماع هذه الخطابات لعرفت حقيقة وقع هذا الكلام عليهم ، فقد تشبعوا من هذه الوجبات المتتالية حتى الكفاية ! وما وجدوا على أرض الواقع غير الكفاف من المشاعر الجافة من المتشددين والمتعصبين ،،

ولأنهم مخلصون لبلدهم ويتطلعون دائما للعيش الكريم المستقر المحاط بالسلام والأمان ، والرغبة الشديدة في التوحد في نسيج مصري خالص ، يتقبلون كل شيء بكل محبة ومودة لأنهم أصحاب وطن وأصولهم متجذرة في صميم أرضه ولا يقبلون أي مزايدات من أي نوع ومن أي جهة.

هذه قناعاتهم وهذه توجهاتهم وهذه عقيدتهم ،رجاءا كفوا عن تلك الكلمات التي تثير الكراهية وتؤجج العداء ، يكفيهم ما يأتيهم ويأتينا من إرهاب وتهديد من المتعصبين أصحاب الأفكار المتطرفة من الإرهابيين المتأسلمين دواعش الفكر والإسلام منهم بريء وليست ثمة علاقة بالإسلام ، فالأرهاب يحصد كل شيء ولا يبقي على أحد ، الإرهاب دينه الشيطان وعقيدته لا تمت للإنسانية بصلة ، والسؤال من أقحم الإسلام واتخذ منه شريكا للإرهاب رغم رفضه ؟! من غاص بإسم الإسلام في لجج العنف والقتل رغم تحريمه ؟!
 
إن مسلمي مصر لم يأتوا على ظهر ناقة من صحراء الجزيرة العربية ، ولم يأت مسيحو مصر فوق سفينة رومانية نحن إخوة جدنا واحد وأرضنا واحدة، منا من آمن برسالة النبي محمد (عليه وعلى النبي عيسى وكل الانبياء الصلاة والسلام )، ومنا من بقي على عقيدته الأولى ، فلا وجه للمقارنة في الوطنية وأحقية العيش والبقاء بمقياس العقيدة ، تحكمنا جميعا سيادة قانون واحد مشتق من دستور واحد ولا بأس أن نتفق أو نختلف عليه !،،

مصر لكل مصري والعقيدة مبدأها "لكم دينكم ولي دين"
برجاء تجديد خطاب الوحدة الوطنية فكلامها المعسول والمكرر لا يزيد الجرح إلا ألما والمشكلة غير تعقيد ،،
الدين في القلوب والواقع للجميع ..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط