الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب : مشروع قانون الخطبة

صدى البلد

قبل أن نتحدث عن مشروع القانون الجديد والمراد عرضه علي مجلس النواب لابد أن نتحدث عن الخطبة في الدين والقانون والعرف عرف الدين الخطبة بأنها وعد بالزواج وقال رسول الله في ذلك أحاديث كثيرة منها قوله صل الله عليه وسلم (لا يخطب المسلم علي خطبة أخيه)، ومنها قوله ( ينظر إليها وتنظر إليه فأنه أحري أن يؤدم بينهما) - وقوله ( إلحقوا النساء بأهوائهن).

وفي الدين أن ما يهديه الخاطب للعروس قبل الزفاف فإنه حق لها إذا عدل الخاطب عن خطبته، وإن عدلت العروس عن الخطبه لا ترد كل ما أهدي إليها فبعضها يستهلك ومنها (علي سبيل المثال كاشامبو والبرفان والكريمات) أما ما يكون علي حاله كالأقمشة والأدوات غير المستهلكة فهي ترد إذا ردتها المخطوبة.

ومع ذلك فالأمر متروك لشخصية الخاطب، فالبعض حتي وإن عدلت الفتاة فهو يترك كل شئ ولا يسترد ما أهداه لها وله أيضا أن يطالب بما اهدي لو كان أشياء ثمينة
.
أما الشبكة الذهبية فتعتبر جزءا من المهر للعروس ولكنها في حال كونها عدلت عن الزواج فإنها تردها للعريس، ولا يوجد تحديد للوقت الللازم للخطبة فقد تستمر فترة طويلة وقد تكون سابقة للزواج الذي يتم بنفس اليوم.
 
لأنه من المعروف في الدين أن الذي يتم الإتفاق عليه فهو المهر والذي لا يجوز الدخول ولا يصح إلا بدفع ما تقدم منه . ومن الممكن أن يكون المهر هدية وليس مالا , وفي ذلك قال الرسول صل الله عليه وسلم (التمس ولو خاتما من حديد).
 
أما الخطبة في القانون فهي فترة تعارف بين الخاطب والخطيبة الشاب والفتاة أو الرجل والمرأة من الممكن أن يتم الزواج بعدها ومن الممكن ألا يتم ,فهي أيضا وعد بالزواج ولا يوجد إلتزام قانوني علي أي منهما في ذلك . فهو تعبير عن رغبة في الإرتباط قد تتم بإتمام الزواج وقد لا تتم لعدم التوافق.
 
أما العرف أو المجتمع فالخطبة هي إتفاق بين الشاب والفتاة أو أسرة كل منهما في في إتمام الزواج , وتأخذ الخطبة إتجاه المكان الموجود به العروس , فمثلا في بعض القري بالريف أو الصعيد هناك إتفاق يتم بين الأهل، قبل أن يصل أي من العروسين إلي سن الرشد , وقد يكونا أطفال , ويوجد أيضا عرف في بعض القري بأن أبن العم يتزوج بنت عمه دون النظر لأي إعتبارات تتعلق بالمشاعر , وحتي ولو كان كلا منهما لا يريد الإرتباط بالآخر , ولكن العرف والإتفاق بين الكبار يكون هو الحكم.
 
وقد يكون الدوافع قبلية أو مالية أو مصالح مشتركة أو رغبة في عدم خروج الأرض في يوم ما لغريب بعد وفاة الزوجة، وتتعرض كثير من الفتيات وكذلك الشباب لكثير من المتاعب النفسية بسبب ذلك , وعدم الحياة بسعادة , ولكن تستمر الحياة كما أراد الأهل.
 
وبالرغم أن تلك الخطبة تكون مفروضة من الأهل إلا أنها لا تتيح للخطيبين فرصة التعارف والتقارب قبل الزواج , فهي عبارة عن أمر واقع مفروض.

وبالتالي فإن الهدايا قد تكون بالاتفاق بين الأهل وكما هو موجود ومتعارف عليه في تلك الأماكن، وغالبا لا يتم فسخ تلك الخطوبات، فهي تستمر حتي وأن أشارت إلي أن الزواج سيفشل , وقد يرتضي البعض ويرضخ للأمر الواقع.

وتلك الخطبة لا وقت محدد لها فهي قد تكون سنوات أو أشهر .

وكذلك يوجد في المجتمع ما يكون متعارف علي أنه بحكم المخطوبين , كالشباب والفتيات أثناء الدراسة , حيث يتفق البعض علي أنهم سوف يتزوجون مستقبلا بعد إنتهاء الدراسة أو يكون معلوم لدي منطقة سكنية معينه أن فلان وفلان سيتزوجان وكل الجيران يعرفون ذلك , وفي هذه الحالات لا تعتبر خطبة ولكن تعتبر تعبير عن رغبة في الإرتباط , قد تتم وقد يغير أحدهما رأيه عند ظهور فرصة أفضل.

وفي كل الأحوال لا يوجد إلتزام من أي منهما تجاه الآخر , ولا توجد هدايا وإن وجدت لا يوجد تعارف علي ردها أو رد قيمتها.

ويوجد كذلك الخطبة التي تتم ولا يعرف أحد الخاطبين الآخر , وفي تلك الحالة قد يتفق الأهل علي وقت معين لإتمام الزواج , وقد يتم تقديم هدايا للعروس , وفي حالة عدم إتمام الزواج تقوم العروس برد الهدايا غير المستهلكة.

أما الشبكة فتعتبر في التشريع جزءا من مقدم المهر والذي لا يصح إلا بالدخول لذلك فالشبكة ترد للخاطب في حالة الفسخ من أي منهما ولكنها في العرف إذا عدل الخاطب لا يرد له شيئا من الشبكة إلا إذا كان أهل العروس يريدون رد تلك الشبكة ولا يقبلونها مع عدم إتمام الزواج.

أما القانون فإننا نجد أن القانون لم يحدد فترة للخطوبة ولم يحدد إلتزام معين علي أي من الطرفين . ولم يلزم القانون المخطوبة برد الهدايا ولا يلزم الخاطب بتعويض المخطوبة عن سنوات الخطبة أن تم فسخها - فهي علاقات اجتماعية غير مقننة.

أما الشبكة وهي التي يتم الإتفاق عليها بين الطرفين فهي ترد في حالة إذا رغبت المخطوبة في عدم الإتمام، ويسترها الخاطب حتي لو كان هو الذي ترك المخطوبة بلا سبب منها. أما في حالة تم الزواج فأنه تضاف إلي قائمة أعيان الجهاز والتي يتم الاتفاق بين الطرفين علي مسئولية كل منهما في الشراء , ثم يتم كتابة تلك القائمة ويوقع عليها الزوج علي أنها ممتلكات لزوجته هو مسئول بالحفاظ عليها وردها حين طلبها منه , وحتي لو لم يحدث طلاق , فمن حق الزوجة المطالبة بقائمة أعيان الجهاز وهي لازالت علي ذمة زوجها . وما يذكر عن الذهب المكتوب فيها حينها يخضع للتحقيق وشهادة الشهود , وهل الزوجة خرجت من منزل زوجها ومعها الذهب أم أنها خرجت وقد أستولي زوجها عليه منها.
 
وأننا في حال أوجدنا قانون لتنظيم عملية الخطبة كما هو مثار حاليا فإن ذلك القانون سوف يعقد أمور الخطبة ويجعل البعض يتخوف من الإقدام علي تلك الخطبة , حيث أنه من المقترح أن يتم تعويض الطرف المضرور عن الضرر , فما هو هذا الضرر, هل سينسب للمسئولية التقصيرية , والتي تقوم علي مبدأ كل ضرر يحدث للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.
أم سينسب للمسئولية العقدية ويجعل كل طرف يوضع الشروط التي يراها في بنود ومنها التعويض.

أنا رأيي الشخصي في ذلك أن مشروع هذا القانون سوف يعرقل الإقدام علي الزواج , وسوف يقلل من فرص الزواج , وقد يجعل البعض لا يقدم علي الخطبة , بالعكس سيجد الشاب أوالفتاة أن التعامل خارج إطار القانون والأهل أفضل لأنه سيتيح لهم حرية التعامل دون الدخول في مشاكل ومحاكم وقضايا . وأقترح عمل برامج توعوية أو إهتمام من المؤسسات الدينية بشرح ما هو واجب وما هو مفروض وما هو مكروه في الخطبة .
ويفضل عدم الإغداق في هدايا لكسب الود , والتعامل مع الموقف بأنه ليس من الضرورة أن يقدم الخاطب هدايا غالية ليثبت تمسكه بالمخطوبة - فالتعامل اللاحق بعد الزواج هو الأهم وهو المعول عليه .كما أنني لا أعتقد أن أي شخص يقدم علي الخطبة وفي نيته من البداية عدم الإتمام , ولكن الفسخ يتم لظروف لاحقة , ربما تشدد من البعض أو ظلم من البعض , ولكن العلاقات الإجتماعية الخاصة لا تفرض فرضا فالزواج نفسه قد لا يستمر وينفصل الزوجان في أول الطريق , فهي مسائل تحتاج لحسن النية وتقديم النوايا الطيبة , والتوفيق من الله , وأنصح بأنه يجب أن يكون التعامل مع المخطوبين معا في إطار من الدين حيث هو صمام الأمان لأي علاقة , ومن حسنت نيته ولوخسر الطرف الآخر فإن في هذا الخسران خير, لأن الله يتعامل مع القلوب والنوايا وهو بيده الفضل كله.