الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مارتينا مدحت تكتب: "مصيره إلى الهدوء"

الكاتبة مارتينا مدحت
الكاتبة مارتينا مدحت

كل شئ مصيره إلى الهدوء..

كل الأصوات تقل حدتها وتخفت حتى تتلاشى، ويأتى يومًا ينتهي فيه كل عناء، وتستكين فيه النفس بعدما قاست طويلًا، تختفى مخاوفك وتمتلئ الفجوات التي تركها الحزن بداخلك، بفيض من الفرح، تتلاشى الهوامش الضبابية وتنمحي آثار التفاصيل مع مرور الأحداث والأشخاص والزمن، من ثم تبكى عليها أو على حالك أو ربما لا تبكى وتبتسم إبتسامة هادئة، حالمة، حاملة فى طياتها ألف معنى، بعضًا من هذه المعانى يُحيي ذكرى الإنتصار وبعضًا يُقصد منه السخرية من عقلك ووعيك اللذان أكدا لك فيما قبل أن التخطى وتعافي روحك أمران مستحيلان، وبعضًا آخر به إمتنان من عمق القلب لكل ما آلت له الأمور والأحداث؛ لحالك، ولصمودك أمام كل الأشياء التي نخرت روحك وآلمتك كثيرًا، تدرك حينها أنك لست مجرد لحنًا حزينًا.. أنت حي.

ظننا أننا شِينا مبكرًا وما أن شبنا وجدنا أنّا ما زلنا شبابًا، ظننا أن الـ"حزن" بحروفه الجوفاء الثلاثة قد يمتد أثره لكل الأشياء، فيسحقها وينهيها وقد تصل قدرته المُهلكة للقلب، فتقبضه وتُبَدِل أُنسه وَحْشة، ووجدنا أنه كلما إزداد العمر يومًا كلما إزداد القلب معه إتساعًا وحنكة فى التعافى.

فهمنا جيدًا أن القلب أوسع من كل اللغات، أكثر نقاءًا من كل ضيق، هذا الذي مهما مَسَته الحياة بوَهَنْ وإستنزفه العالم بين متناقضاته، يعود مرة أخرى - بالرغم من حساسيته المفرطة - أكثر سماكة من ذى قبل، أكثر لين وتقبل واحتواء لك ولكثيرين تحدث أو حدثت لهم أمور مشابهة، فعلى الرغم من إختلافنا، جميعنا فى نهاية المطاف نتشابه وهذا ما أثبتته التجربة البشرية عبر تاريخها.

نحن نَمُر بمجموعة من الأحداث المكررة التي سبق ومر بها غيرنا، باختلاف النتائج، من استطاع عقله وقلبه أن يتفهم جيدًا أن كل ما نحتاجه على هذه الأرض هو الرضا، حتى يأتي اليقين، هو فقط من نَجَى من هذا الصراع المستمر .

وفي غاية الوصول لهذا الرضا لا مفر من التحلي بشجاعة "التخلي"، التخلي عن العلاقات التي إستنزفتك، الجزء الذي لا يرضيك بنفسك، التخلى عن الذكريات والماضي اللذان يلحقان بك الأذى، فى الطريق للتخلي حرية للنفس وإيمان بأنك كما تألمت مُجربًا بإمكانك أن تعين نفسك مرة ثانية والآخرين أيضا، ليس كل الفقد خسارة... أغلب الفقد يُغنيك غنى لا يستحق بعده الحزن.