الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعلان حالة الطواجن


حسنا فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما أعلن حالة الطوارئ حفاظا على مقدرات الأمن القومي المصري في مواجهة إرهاب استحل دماء المصريين في الأشهر الحرم، في المقابل ومع قرب شهر رمضان الكريم أعلنت، الأسر المصرية حالة الطواجن، هجمة منظمة على كافة محلات السوبر ماركت والجزاره والعطاره، شراء كميات غير عادية من كافة أنواع السلع والمأكولات، هجمة موازية على محلات الحلويات بكافة مستوياتها، في الوقت الذي لم يتوقف أحد للإجابة عن الأسئلة المهمة، من الذي وفر السلع؟ من الذي حافظ لك على قدرة شرائية؟ لماذا تنخفض الأسعار طالما أن معدلات الاستهلاك جنونية؟!.

خلال شهر رمضان سيبدع المصريون في استعراض مهاراتهم الاستهلاكية داخل البيوت وعلى موائد الرحمن حيث ستمتد أصناف المأكولات التي تعرف طريقها إلى من كثرتها إلى سلال القمامة يوميا ليقدم الصائمون المبتهلون نموذجا فريدا متفردا للإسراف والتبذير الممنهج الذي يمارسه المصريون كأحد أهم شعائر الشهر الكريم، لتفريغ عبادة الصوم من مضمونها ورسالتها الأساسية وهي القدرة على كبح جماح كافة الشهوات، والتدريب العملي على فضيلة الزهد، والخضوع لعملية تهذيب ذاتية للنفس البشرية. يمر الشهر الكريم والمصريون يشتكون يوميا من حالة التخمة بعد الإفطار، إلا أن شكواهم لا تمنعهم من الاستمتاع بحالة الشره التي يعقبها استراحة قصيرة للبدء في احتلال مقاعد المقاهي وتدخين كافة نكهات المعسل استعدادا للجولة الثانية بحلول وجبة السحور وتناول أكبر كمية من الطعام قبل رفع الأذان الذي يفاجئنا بموعده كل يوم.

لقد مرت الأيام المفترجة سريعا وبدأت العشر الأواخر من رمضان حيث يلتمس المصريون ليلة القدر كما يلتمسون أجود أنواع الكعك دون أن تنقطع شكواهم عن ارتفاع أسعاره ودون أي قرار بترشيد كمياته، ومع اقتراب موعد عيد الفطر يبتهج المصريون بممارسة الإسراف هواية واحترافا فيتبادلون مكالمات ورسائل التهنئة بما يفوق قدرة شبكات الاتصالات التي تتعرض لنفس الحالة من التعثر سنويا، وبعد انقضاء العيد السعيد تجد نفس التصريح يتصدر كافة الصحف حيث تعلن المحافظات والمحليات عن رفع أطنان غير مسبوقة من بقايا الطعام والمخلفات.

بعد انقضاء عيد الفطر المبارك هل يتوقف أحد لتحليل حالة السفه الاستهلاكي فيتخذ قرارا بتعديل سلوكه؟، الإجابة بالقطع لا والدليل أن نفس الهجمة تتم تجاه كميات اللحوم التي يتم شراؤها وتناولها خلال عيد الأضحى المبارك، حتى أن عموم المصريين يتناولون اللحوم صباحا في بيوتهم وفي المساء لا تجد موضع لقدم بأي مطعم يقدم أخرى  من اللحوم، وتحتل تحذيرات وزارة الصحة من الإفراط في تناول اللحوم عناوين الأخبار، بينما المصريون مستمتعون بالاستمرار في تمديد حالة الطواجن كما لو أنهم في حاجة لإجراءات غذائية استثنائية لتسيير أمورهم المعيشية. هنيئا لكم كلوا واشربوا ولا تسرفوا، استمتعوا بوطن أطعمكم من جوع وأمنكم من خوف، والله لتسألن يومئذ عن النعيم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط