الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"يحكى أن"


* يحكى أن رجلا حكيما في زمان قديم، أخذ أحد شباب المدينة واتجه به إلى حيث الأرض الواسعة وطلب منه أن يجرى قدر استطاعته وأنه سيعطيه كل مساحة الأرض من نقطة انطلاقه إلى حيثما يتوقف فيها، اندهش الشاب وفرح جدا بالعرض المغرى، وانطلق يجرى بسرعة واصرار حالما بمساحة الأرض التى سيحصل عليها في كل خطوة جديدة ، مساحات كبيرة قطعها ينظر خلفه فيجد الأرض التى امتلكها حسب الوعد .. يجرى ويجرى إلى أن انهكه التعب وبعد مشقة وصل إليه الرجل الحكيم ليجده ميتا.

* في السيارة الأجرة تزاحم المنتظرون فوق الرصيف، يركب بصعوبة، يفشل في فتح زجاج النافذة، يصل إلى اذنيه حديث الرجل العجوز الجالس بجواره، يضع تليفونه المحمول على أذنه، يرتفع صوته: "أيوه يا سيدى من ساعة ما طلقت من زوجها وهي معايا وعيالها كمان، ما هو محدش هايرمي لحمه.. التموين مبقاش يكفى أسبوع .. فراخ ايه .. انا جبت فرخة أول امبارح كل عيل أخد نسيرة وخلاص على كده.. كل حاجة سعرها زاد الضعف والعيال مش مبطلين طلبات وانا مش عارف أعمل ايه.. ياريت في صحة زى زمان كنت اشتغل اى حاجة.. بس خلاص مبقتش انفع" يعلواصوته بضحك مجروح يعقبه سعال متقطع.. عندما حاول أن يدفع له الأجرة، نظر إليه وقال بصوت مغلف بالرضا "الحمدلله يا ابنى مستورة".

*جلس وسط أشقائه بعد أن وصل إلى البيت قادما من السوق، حاملا العديد من الأكياس وقفص من الخبز الساخن، عندما رن هاتف المنزل قام ليرد، يصل إليه صوت والده من الغرفة المجاورة "سيب السماعة ومتعملش كده تاني انت فاهم" .. يجلس منكسرا تطحنه دومات من القهر ومعاملة قاسية لا يفهم سببها، يتوقف أمام إعلان بالتلفزيون في نهايته يقول أحدهم "محدش عامل حسابك"، قبل أن ينهض للذهاب إلى المكوجي وأخذ شقيقه الصغير إلى الحلاق ودفع فاتورة الانترنت كان يسرع لإخفاء دمعة غافلته قبل أن تنزلق على لحيته التى كانت قد بدأت في الظهور.

*اطاح بكيس القمامة المنتفخ ليستقر تماما في قلب الصندوق، تظهر بملابسها السوداء تمد عصا طويلة تلتقط بها الكيس، ظل يراقبها أثناء وقوفه بمحطة الأتوبيس، أفرغته تماما تمد يدها تخرج خاوية، تلملم الفوضى التى أحدثتها على الأسفلت تعيدها مرة أخرى إلى حيث كانت، يلمحها من بعيد تنظر إليه، ينشغل عن متابعتها بالنظر في الفراغ الممتد أمامه، ويده تمسك جيدا بأجرة الميكروباص".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط