الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قطر بين العار والغاز


علقت دويلة قطر بين العار الكبير اللاحق بها جراء انكشاف تورطها بإراقة الدماء في منطقة الشرق الأوسط، والتخطيط لنشر الرعب والحروب في دول المنطقة، وبين الغاز الذي تحلم باستغلاله سياسيا أكثر من الاستغلال الاقتصادي، وذلك عبر إيصال غازها إلى أوروبا عبر إيران والعراق وسوريا، وعند مزج العار والغاز ومفاعيلهما على الأرض نرى الأوضاع الحالية التي تمر بها دويلة قطر، ونرى الغضب العربي الذي يحاول وقفها عند هذا الحد وإعادتها إلى المنظومة العربية.

إن مسألة الغاز لا تقل أهمية عن مسألة العار المرتبط بالتنظيمات الإرهابية حول العالم، خصوصا أن الغاز سينقلها إلى الحلف "الإيراني - التركي - الروسي"، وإذا ما تم المضي حاليا في هذه المسألة فإن العودة إلى الوراء تصبح مستحيلة، فقطر حاولت في السنوات الماضية إيجاد موطئ قدم لها في سوريا عبر التنظيمات الإرهابية التابعة لها، وذلك لتنفيذ إيصال أنبوب الغاز القطري إلى أوروبا عبر سوريا مرورا بالمملكة العربية السعودية، لكن اليوم وبعد تبدل قواعد اللعبة فمن المستحيل أن تحظى قطر بالموافقة السعودية، وبالتالي فإن البديل هو بمرور الغاز القطري عبر إيران ليمر بالعراق ويصل سوريا فأوروبا، ولهذا السيناريو دلائل كثيرة على الأرض، منها الصمت الروسي على تغيير خارطة التحالفات والصمت عن كل ما يجري، علما أن روسيا طرف أساسي في مسألة الغاز، وأي تطور في هذه المسألة لا بد وأن يمر من خلالها شأنه كشأن أي تطور سياسي أو أمني يطال حلفاءها إيرانيين والأتراك والسوريين.

ويبدو أن قطر بدات تقدم فروض الطاعة للحلف الجديد، والدلائل كثيرة واقعيا وعمليا على الأرض من خلال سحب قطر لجميع فصائلها العسكرية من المناطق التي كانت على تماس مباشر مع الجيش السوري وقوات الحرس الثوري وحزب الله، تحت غطاء المصالحات ووقف إطلاق النار، وبها تكون قطر قد قدمت عربون الولاء للتحالف الجديد الذي خالف الاتجاه العربي والخليجي، هذا بالنسبة لتركيا وسوريا، أما بالنسبة لإيران فالأوضاع ممتازة بين البلدين، والتناغم بينهما ليس بالجديد خصوصاإاذا ما عدنا بالذاكرة قليلا إلى الوراء وقت ما كانت إيران تعاني من الحظر الدولي عندما قامت قطر بتحويل جرز من أرباح صادرات الغاز القطري إلى إيران وتراوحت النسبة وقتها بين 10 و15% .

مع التذكير أنه ومنذ سنوات تحاول قطر لعب دور يفوق حجمها السياسي الحقيقي، وذلك من خلال عقد تحالفات ثنائية والدخول في أحلاف إقليمية وعالمية بعيدة عن البيت الخليجي، بالإضافة إلى الاستفادة من بعض الأدوات المتمثلة بالتنظيمات الإرهابية كجماعة الإخوان المسلمين وبعض التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة، وتلاقت في هذا الاتجاه مع كل من تركيا وإيران، خصوصا بعد اشتعال الأوضاع في سوريا، حيث سنحت الفرصة للتمدد القطري عبر دعم بعض الفصائل التي انتشرت في المناطق السورية التي خرجت عن سيطرة النظام السوري، وربما يظن البعض أن ما جرى من غضب خليجي - عربي تجاه قطر قد يعيدها إلى طريق الصواب، إلا أن الأمور يبدو أنها ستسير في الاتجاه المعاكس، فالاتفاق الإيراني - التركي- القطري إدى إلى خروج قطر من بيت الطاعة الخليجي والارتماء في الحضن الإيراني بالشكل الكامل، وسيحاول هذا الحلف الجديد الارتماء والانضمام بالأحضان الروسية للحصول على المزيد من الدعم السياسي وربما العسكري، علما أن هذه المعادلة الجديدة سيكون من نتيجتها لتقرب أيضا من سوريا رغم كل ما جرى في السابق ومحاولات لإبدال نظام الحكم القائم.

وبعد العرض الموجز لمعادلة الغاز والعار، بدو واضحا أن إنهاء هذه الأزمة لن يكون بالعزل وقطع العلاقات فقط، بل يجب القضاء على رأس النظام واستبداله لتجنيب الشعوب الخليجية ويلات هم بغنى عنها حاليا أو مستقبلا، فأينما وجدت تركيا أو إيران وجد الخراب والدمار، وربما سوريا ولبنان والعراق أكبر دليل.

وللحديث تتمة..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط