الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غرابيب الزعيم


مهما هربنا من ثورة المسلسلات التي تقتحم بيوتنا مع قدوم شهر رمضان الكريم، إلا أننا لا بد وأن نقع في فخ بعضها، وكل منا يقع حسب ميوله وأفكاره واللون الذي يحبه، فنشاهد بعض من هذه اللقطات التي تقطع الإعلانات في وقتها، وبعضها الآخر في أوقات أخرى.

من مسلسلات هذا العام المميزة والتي لفتتني مسلسل "غرابيب سود"، ومسلسل الزعيم عادل إمام "عفاريت عدلي علام"، الأول شدني لاهتمامي بكل ما يتعلق بعصابة داعش الإجرامية، ولعشقي لكل عمل يقوم به الزعيم ولهذا العشق تاريخ طويل يزيد ولا ينقص.

"غرابيب سود" فضح جرائم وأفكار ووسائل تجنيد تنظيم داعش بطريقة درامية - سينمائية، ويسجل للعمل الجرأة في الطرح، بالإضافة إلى تنوع جنسية الممثلين، مع إلمام بتاريخ هذه العصابة السوداء، بدءا من التجنيد وصولا إلى افتضاح أمرها من الداخل أي من قبل الذين وقعوا بفخ التجنيد.

ومسلسل "غرابيب سود" عمل تفرضه المرحلة، ضمن الحرب الإعلامية التي تجري ضد هذا التنظيم مع بدء إضعاف قوته العسكرية والمادية والإعلامية، فمهما نشر من أخبار وتقارير تتناول حقيقة هذه العصابة، إلا أن لمسلسلات رمضان حضورا أقوى في المجتمعات والعائلات التي قد لا تطلع على الأخبار بشكل دائم أو حتى بشكل عابر.

أما مسلسل "عفاريت عدلي علام" ورغم الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها، إلا أنه عمل ينتمي إلى مسار الزعيم المتعلق بكشف العصابات الداخلية المتحكمة بقوت الشعب أو من الممكن تسميتهم دواعش الداخل، علما أن بعض اللقطات، خصوصا تلك المتعلقة بعفاريت الزعيم، ربما كان بالإمكان تقديمها بشكل أكثر احترافا أو جدية، أو ربما تقديمها بهذا الشكل كان مقصودا لإضفاء السخرية الزائدة على العمل.

ومن يشاهد العملين يمكنه ببساطة استبدال العناوين، فمسلسل فضح داعش ممكن تسميته بسهولة "العفاريت السود"، وهو أمر ينطبق فعلا على أمراء داعش المختبئين خلف اللون الأسود لتمرير الأفكار السوداء وهم أقرب إلى العفاريت السفلية التي تسعى لتدمير المجتمعات، أما مسلسل الزعيم فمن الممكن تسميته "غرابيب عدلي علام" أو "غرابيب الزعيم"، كون من يتلاعب بلقمة العيش فهو أقرب للغراب من أي شيء آخر.

ويشترك العملان بمسألة مهمة، ألا وهي القدرة على التأثير بالرأي العام، فداعش تتلاعب بالعقول ببروباجندا بدأت قوية وبدأت شمسها بالأفول، وعدلي علام استعان بعفاريته للوصول واكتساب شعبية متأتية من المنصب والمال، كما أن عفاريت عدلي ولمن لم ينتبه لها، من الممكن تشبيهها إلى الدول الكبرى أو الصغرى منها التي تدفع الأموال لإيصال مندوبيها إلى المراكز والمناصب الحساسة.

علما أننا لو تخلصنا من دواعش الخارج، فالمعركة مع دواعش الداخل من أصحاب الذقون أو حالقيها أصعب وأقوى وهي ربما ستبقى لفترة أطول من الفترة التي تحتاجها الحرب ضد داعش الحقيقي.

ألف تحية للقائمين على "غرابيب سود"، مع علمهم بالمخاطر التي سيتعرضون لها، وألف تحية للزعيم الذي يواصل مشواره الفني بقوالب سياسية واجتماعية ربما تلامس واقعنا أكثر من غيرها.

وللحديث تتمة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط