الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الزعيم


أكثر من عشرين عاما بين "الإنس والجن" و"عفاريت عدلي علام"، عالم يجمع بين الثقلين في قصتين مختلفتين في التناول، مختلفتين في الأداء لفنان له شعبية كبيرة لسنوات متعددة، إنه الزعيم كما أطلقوا عليه، يعود من جديد في ثوب مختلف يروي لنا فيه قصة جديدة لحالة من العشق بين الإنس والجن وعلاقة كل منهما بالآخر في إطار أصاب في المرة الأولى وأخفق في الثانية.

شتان ما بين "الإنس والجن" للكاتب محمد عثمان، وبين "عفاريت عدلي علام" للكاتب يوسف معاطي، فالأولى قصة تحدث أحيانًا في حياتنا الدنيا، تم تناولها بشكل مشروع يُحَذِر الإنس من التعامل مع الجن وخطورة قصص الحب بينهما، وكيف تخلصت الحبيبة الإنسية من الجن العاشق وذلك بآيات من الذكر الحكيم، قصة تعلم الناس الوسيلة المثلى للتخلص من مثل هذه الفتن المُرة التي أحيانًا يتعرض لها بعض البشر ويعانون معاناة شديدة للتخلص من هذا الخطر اللعين الذي يطارد استقرار حياتهم وعقيدتهم الدينية.

أما الثانية، فأجدها شديدة الخطورة لاستخدام الكوميديا في عمل يتسم بعدم الاتزان، يحكي قصة حب بين إنسي وجنية في إطار يذهب العقل لكل من هو بعيد عن المولى عز وجل وبعيد عن تعاليم الأديان.. قصة تحمل في ظاهرها البساطة لأمور في غاية الصعوبة والخطورة.

كيف برجل عاقل راشد ومن أهل العلم والقلم كما أظهره الكاتب يوسف معاطي في شخصية عدلي علام بعد قصة حب طويلة وعنيفة مع فتاة جامعية مثقفة وجميلة تتحول حياته إلى مهزلة أسرية وزوجة عنيفة تتعامل بجهل وأخ لزوجة يدمن الحشيش ولا معنى لوجوده في منزله، يسيء اختيار حياته الدنيوية ابتداءً من زوجة بعيدة كل البعد عن الأنوثة والجمال.. نهاية بالتوجه إلى الدجل والشعوذة.

وما معني أن تنقذه جنية وهو طفل رضيع من موت لا يأذن به إلا المولى عز وجل؟ هل في استطاعة الجن إعادة الحياة لبني البشر؟ كيف يمكن أن تحب فتاة جميلة من بني الجن طفلا رضيعا وتتابع حياته حتى يقترب من نهاية العمر فإذا هي تظهر بوضوح لتحكي له عن قصة صبرها في الحب لسنوات طويلة في الخفاء وتحارب أهلها من أجله دون أن تعبر عنها لهذا الإنسي طوال هذه السنوات؟ ومتى سكنت الرحمة قلوب الجن السفلي ليساعد الإنس ويحب ويضحي من أجل الحبيب؟ تحتوي القصة على خلل درامي واضح في الأحداث يسيء إلى تاريخ كل من الزعيم ومؤلف هذا العمل الدرامي يوسف معاطي.

كما أن تسليط الضوء على صدق بعض ما قاله شيخ الشعوذة ومحاولاته للاتصال بالجن وتنفيذ طلباته من خلال التعامل مع الجن السفلي أمر شديد الخطورة يذهب العقيدة الدينية للنفوس الضعيفة في زمن ساد فيه الفقر والجهل وقلة الإيمان، يتنافى هذا العمل الدرامي مع مقومات الشهر الكريم الذي يعرض فيه لأول مرة، كما يتنافى مع كتاب المولي عز وجل وتحذيره من التعامل مع الجن وتذكرة المولي لنا بعداوة الشيطان لبني الإنسان على مر العصور ومهما مر الزمان، وما معنى أن يطلب البطل من الجن إحقاق الحق وكشف الفساد؟

أتمنى أن ينتهى هذا العمل بقدر من الاعتدال الفكري الذي يحدث الاتزان في العقيدة والاتزان لثوابت الدين، كما أحذر من سلبية الجهات الرقابية وتركها مثل هذه الأعمال التي يتم تناولها بشكل كوميدي وسلس حتى لا يتجه الجاهلون لمثل هذه الأمور من الدجل والشعوذة، بل على العكس يجب تناول مثل هذه القصص الدرامية في إطار يتميز بالجدية وبمنظور ديني معتدل يعلم البشر كيفية الخروج من مثل هذه الفتن وكيفية النجاة منها بطريق مشروع.

يجب أن نتذكر دائما قول المولى عز وجل: "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36)".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط