الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هناك صعاب أهون من تدمير الإرادة لدى العامة


استيقظت صباح اليوم على خبر رفع سعر المحروقات من جديد وفقا لشروط صندوق النقد الدولى , لدرجة أن هذا الخبر هز وجدانى كما هز وجدان الشعب كله دون استثناء.. وللأسف الشديد إن الإحساس الذى وصل الى الجميع كان سلبيا للغاية لدرجة أن مواقع السوشيال ميديا امتلأت بالشجب والإدانة والشتائم والتشكيك وكأنها معركة وصراع بين الحكومة والمواطن.

ولا أخفى عليكم سراً أننى شعرت بانقباضة فى قلبى غير عادية لم أشعر بها من قبل خوفا على المواطن الفقير ومحدود الدخل الذى لا يفهم كثيرا فى الاقتصاد وكل همه أن يحصل على راتبه آخر كل شهر ويقضى حاجته وفقا لما هو متاح , وخاصة أن المتاح لمحدودى الدخل الآن أقل بكثير من أن يقضى بها نصف احتياجاته الأساسية .

أشعر كما يشعر غيرى من أهل مصر أن هناك صعابا كثيرة أهون بكثير من تدمير الإرادة لدى العامة حتى لا يصل المواطن الى الموت النفسى الذى يشبه الى حد كبير الموت الحقيقى , ولا يعقل أن ننتظر حتى تتطور الأزمة الحالية الى حرب كبيرة لا يمكن السيطرة عليها , ولهذا أدعو الحكومة أن تعطى الشعب أملا فى المستقبل بدلا من أن تشعره بالضيق والخناق بسبب قرارات صحيحة فى توقيت صحيح، ولكن صعبة للغاية ولهذا يجب أن تعمل الحكومة لإشعار المواطن بأن القادم أفضل بكثير, وتعوضه بحقوقه المفقودة على مدار العقود الماضية خلال أنظمة الحكم البائد.

كما أدعو الحكومة أن تبدأ فى عمل برامج إصلاحية جديدة بالتوازى مع شروط صندوق النقد الدولى , من أجل تشكيل الأمل الحقيقى وإعادة بناء المستقبل للمواطن وحتى تستطيع استغلال القوى البشرية من خلال إيجاد الحلول للأزمات فى المجتمع سواء الاقتصادية والسياسية والاجتماعية , ومن خلال تنمية الطموح لدى الشعب وهذا لن يحدث إلا بإحداث وعى وواقع ثقافى مرتبط بالعمل والإنتاج وعدم الاكتفاء بهذا بل يجب أن تقدم الحكومة مشروعات جديدة بجانب تنمية الوعى حتى لا نستيقظ يوما ونجد انحرافا وشذوذا عن الطبيعى والمألوف , وللعلم أن الطبيعى والمألوف ليس ما تعود عليه الشعب ولكنه المنطقى والمتبع فى الدول العظمى.

وما أقصده من عودة الوعى هو عودة وعى الأمة كلها بالأحداث المصيرية التى لحقت بها , ولهذا فعلى الحكومة عبء حل المشاكل كلها بالتزامن مع بعضها وبجانب الإصلاح الاقتصادى وقراراته الصعبة والمؤلمة , مثل الحد من انتشار البلطجة وتجارة المخدرات والسلاح واللعب فى عقول البسطاء وإصلاح منظومة الإعلام وضبط الأسعار والرقابة على الأسواق وترسيخ مفهوم المواطنة ودولة القانون وأشياء كثيرة من هذا القبيل حتى لا نعود الى مناخ التوتر العصبى السياسى الذى ضرب مصر منذ ثورة 25 يناير , ذلك لأنه عندما تعتاد الشعوب مناخ السلم والوعى فسوف يتغير كل شىء ونسير فى طريق العمل والإنتاج لنصل الى الأفضل .

يا سادة .. إن طريق الإصلاح صعب للغاية وسيؤثر على الجميع ولكن يجب أن يعلم الجميع أنه يقوم بدور وطنى كدور الجندى فى المعركة , فلا يمكن أن يتم تصحيح المسار دون صعوبات وعراقيل لا نتمناها ودون خسائر, ذلك لأن المريض لا يريد ولا يتمنى أن يدخل غرفة العمليات لاستئصال المرض ولكن غرفة العمليات ومشرط الجراح الطريق الوحيد للشفاء.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط