الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفيروس القطري


قطر حتى تؤمن لنفسها موقعا يسمح لها بالتدخل أو التأثير على القرارات السياسية، دأبت ومنذ سنوات على زرع بذور الفتن في منطقة الشرق الأوسط، بل أبعد من ذلك زرعت بذور الفتن حول العالم، وكانت ولا تزال كمن ينشر فيروسا ساما ليعود ويوزع الترياق ليظهر بمظهر المنقذ الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

مشوار قطر لزرع الفتن بدأ مع دعم قطر للجماعات الإسلامية المنتشرة حول العالم خصوصا في الدول الأوروبية، وذلك تحت مسمى الجمعيات الإسلامية، والتي تبين توجه العديد من شبابها المسلمين الأوروبيين المولد وهم من الجيل الثاني أو الثالث للاجئين إلى مناطق الصراع خصوصا في سوريا والتحاقهم بالجماعات الإرهابية المدعومة بشكل مباشر من قبل هذه الدويلة الإرهابية.

وإذا ما عمدنا إلى إجراء كشف حساب لإرهاب قطر، فالقائمة تطول، ففي لبنان شهد التدخل القطري ازدواجية واضحة، فمن ناحية دعمت قطر وبشكل مباشر الحرب المزعومة التي شنها حزب الله اللبناني ضد إسرائيل والتي أسفرت فاتورتها عن ضحايا بالعشرات من اللبنانيين وملايين الدولارات التي خسرها لبنان جراء تخريب البنية التحتية والمصانع والقرى والبلدات والمدن.
وقامت قطر وحسب معلومات مؤكدة ودقيقة من داخل الحزب بتحويل أموال طائلة للحزب مكنته من دفع الأموال لشراء مقاتلين وتجهيزهم مع صفقات أسلحة وصلت لبنان جوا عبر طائرات الشركات الايرانية، والتي تكلفتها مدفوعة من إمارة الإرهاب، فرأينا بعدها قطر تدخل وكأنها المنقذ للشعب اللبناني، وقامت بشكل مباشر بدفع تعويضات وإعادة بناء مناطق الجنوب اللبناني التي تعتبر معاقل أساسية لحزب الله.

ولا ننسى دور قناة الجزيرة الذي صور الحرب وكأنها حرب إلهية، ورفع عناصر حزب الله إلى أعلى الدرجات، لم تكتف قطر بتلاعبها مع شيعة لبنان، بل توجهت إلى الطائفة الشيعية، والأمثلة كثيرة، ومن بينها الحرب الدامية التي جرت في نهر البارد، وبقدرة قادر خرج المدعو الارهابي شاكر العبسي من سجن صيدنايا السوري والذي كان قد دخله بعد اعتقاله المزعوم من قبل المخابرات السورية، بعد قتله للدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي في عمان الأردنية.

 وبخروجه من السجن السوري دخل إلى لبنان وأسس جماعته الإرهابية المسماة "فتح الإسلام" بدعم مباشر وصريح من قطر وجر لبنان والجيش اللبناني في العام 2007 إلى حرب دامية في مخيم نهر البارد شمال لبنان، ولقي العبسي وقتها الدعم الإعلامي أيضا من قبل قناة الجزيرة بوصفه المجاهد البطل المدافع عن الإسلام من الظلم اللاحق به من الجيش اللبناني.

وفي سوريا فحدث ولا حرج، ولا داعي لإعادة التذكير بما اقترفته قطر منذ العام 2011، فقد بدأت هذه الدويلة بدعم جماعاتها الارهابية المنبثقة إما من رحم جماعة الإخوان المسلمين أو من رحم تنظيم القاعدة، وكانت النتيجة تشرد ملايين السوريين دون فائدة، علما بأن هذه الجماعات وبالدعم الذي وصلهم لو أرادوا إسقاط النظام لأسقطوه منذ الأشهر الأولى، إلا أن الأمر كان واضحا والهدف كان من الأساس إيجاد موطء قدم للقطريين في تقسيمة الشرق الاوسط الحديثة وتقديم نفسها بأنها قادرة على دعم الشعب السوري أو ايجاد الحلول السياسية وصولا الى اطلاق سراح المخطوفين.

 وجرت تمثيليات عديدة تمثلت بخطف أجانب وعرب، من قبل مجموعات مدعومة من قطر ومنها جبهة النصرة على وجه الخصوص، حيث كان يتم الخطف ليتدخل الوسيط القطري لإطلاق سراحه مقابل أموال متدفقة كانت تصل للإرهابيين على صورة الفدية، وتكون قطر بذلك أمنت لنفسها موقعا سياسيا، ومن ناحية أخرى أمنت التمويل اللازم لعصاباتها.

أما في مصر فكان للمال والإعلام القطري دور بكل ما مرت به مصر منذ العام 2011 وحتى الآن، وكادت أن تصل إلى مبتغاها مع إيصال الإرهابي محمد مرسي إلى سدة الرئاسة، وتمكين جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من مفاصل الدولة، لكن تدخل الجيش المصري في الوقت المناسب أنقذ مصر والمصريين والمنطقة من مصير مجهول قاتم كانت ستقع في حبائله السوداء، إلا أن المخططات القطرية لم تتوقف إذ استكمل المخطط.

 وكما يبدو بمخطط رديف، فتم دعم الجماعات الإرهابية في سيناء والتي أعلنت بيعتها لتنظيم داعش الارهابي، إلا أن الضربة الموجعة كانت بتحرير جبل الحلال من قبل الجيش المصري، والذي كشف عن تورط قطري مباشر بالأدلة والمستندات، بالإضافة إلى ضباط قطريين يديرون العمليات بشكل شخصي، إلى أن بدأت هذه الجماعات تتحرك في المحافظات الأخرى تحت مسميات جديدة كحركة حسم وغيرها، والتي أثبتت التحريات والاستجوابات والمحاكمات تلقي هؤلاء العناصر المقبوض عليهم الدعم من قطر وبشكل مباشر ووافر، مع الإشارة إلى أن تغيير التسمية اعتماد تسمية حركة سواعد مصر أو حسم يعود إلى التضليل بالدرجة الاولى، بالإضافة إلى الإيحاء بأن العديد من المنظمات الارهابية موجودة على الساحة المصرية.

كما أن العديد من العناصر المتطرفة قد لا تتوافق أفكارها وعقيدتها مع أفكار وعقيدة تنظيم داعش مصر، وبالتالي فإن استقطابهم يتم على أساس أن الحركة لا تتبنى أفكار التنظيم الإرهابي بل هي حركة أخرى مستقلة، علما بأن الأذرع الإعلامية القطرية كمنصة رصد والجزيرة مباشر كانت ترافق وتواكب عمليات هذه الحركة للترويج لها بأنها المنقذ للشعب المصري، وتدأب قطر على تقديم نفسها بأنها منقذ الشعب المصري مما تسميه انقلابا أطاح بمحمد مرسي، مستغلة القاعدة الشعبية التي أمنتها لها جماعة الاخوان المسلمين الإرهابية.

من الواضح أن ما تشهده المنطقة اليوم جراء الأعمال القطرية تم التخطيط له منذ سنوات عديدة، والتحالف مع ايران وتركيا ليس وليد الازمة الحالية، بل كان أساسيا خصوصا وأن قطر لم تكن تستطيع أن تقوم بما قامت به لولا الدعم المقدم لها والعون من قبل دول أخرى وشبكات متفرعة وأجهزة مخابرات عملت وتعمل بشكل دقيق جدا، وبات واضحا أن المخطط القطري يتخذ من الانتشار الذي يقوم به الحرس الثوري الإيراني درعا وقائيا له، وبدأت المفاعيل تظهر علنا في الآونة الأخيرة .

إن القائمين على السياسة القطرية كانوا يعلمون تماما أن الغضب الخليجي سيكون كبيرا، وبالتالي فإن الرد أو التعويض سيكون كبيرا من قبل ايران وتركيا، فاقتصاديا سارعت إيران إلى الإعلان عن نيتها إرسال ما يلزم قطر من مواد غذائية وغيرها من الصادرات التي توقف دخولها إلى قطر بعد القرارات الخليجية بالعزل.

وتشير المعلومات إلى أن السفن الإيرانية تتوجه فعلا إلى الموانئ القطرية، وهذا معناه توغل إضافي للحرس الثوري الإيراني في قطر، كون معظم الشركات الإيرانية وشركات النقل تابعة كليا أو جزئيا للحرس، أما من جهة تركيا فالرد كان سريعا مع القانون التركي المتوقع والذي ينص على إرسال قوات تركية للتمركز في قطر للدفاع عنها في حال تعرضها لأي خطر أمني من قبل جيرانها.

باختصار فإن المنطقة قادمة على المزيد من التوتر والمزيد من العزلة لقطر، والمزيد من الانتشار الإيراني، وسيترافق كل هذا مع المزيد من التهديد الإرهابي في المنطقة خصوصا والعالم ككل، وذلك على عكس التوجه الإقليمي والدولي الداعي لوقف المد الإرهابي ووقف سبل دعمه وتجفيف منابع تمويله، مع الإشارة إلى أنه إن تم وضع الأمور في ميزان الربح والخسارة بالنسبة لقطر، فالكفة ستميل باتجاه الربح السياسي والمادي، خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار المشروع القطري التركي السوري بمرور الغاز القطري إلى أوروبا والفوائد المالية والسياسية المترتبة على هذا الأمر.

وبعد كل هذه المعطيات والمبنية على وقائع ملموسة لا بد من التأكيد على أن إنهاء هذا يجب أن يكون بالقضاء على رأس النظام القطري واستبداله لتجنيب الشعوب الخليجية ويلات هم بغنى عنها حاليا أو مستقبلا، فأينما وجدت تركيا أو إيران وجد الخراب والدمار وربما سوريا ولبنان والعراق أكبر دليل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط