الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دعوة لاجتماع دوري للرئيس السيسي مع المعارضة


جميل جدا ً أن أسس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحوارات دورية مع الشباب، وجميل أيضا ً أن أكد على أهمية المعارضة الوطنية في كثير من خطاباته وكلماته للأمة المصرية، إلا أنه من يتأمل ويحلل كيف تنظر السلطة ليس في مصر فقط بل في المجتمعات العربية إلى " المعارضة " فلسوف يجد عجبًا ، وسوف يُصدم صدمة مروعة ربما لن يستفيق منها سريعًا بسبب توجس السلطة في مجتمعاتنا العربية من المُعارضة التي هي أحد أهم إفرازات الديمقراطية الحقيقية ، ويبدو أن الديمقراطية في البلدان العربية غير الديمقراطيات في البلاد المتقدمة.

نعم ديمقراطيتهم غير ديمقراطيتنا .. فالديمقراطية في البلدان العربية شعار براق تعلو فيه إرادة الحكومات على إرادة الشعوب وتتحقق من خلاله مصالح الحكومات ـ بأي شكل ــ على حساب الشعوب ، ولكنها في الغرب خضوع الحكومات لإرادة الشعوب وتلبية مصالحهم ، والإنصياع لمطالبهم والخضوع لمساءلتهم ، والحق أقول أن المعارضة في البلدان العربية ما هي إلا معارضة شكلية وديكورية ليست ذات تأثير، وفي الغالب هي صناعة ونتاج أنظمة الحكم في هذه البلاد تذر بها الرماد عن وجهها أمام المجتمع الدولي وأمام شعوبهم ، ومن العجب العجاب أن نرى المعارضة الحقيقية والوطنية في البلدان العربية تقاوم وبلا شراسة من المعارضة الصورية والديكورية المصنوعة من الحكام والحكومات تبرر وتطبل وتصفق وتبخر وأحيانا تلحس الأحذية ولو وصل الأمر أن يعملوا عجين الفلاحة إرضاء للحكام على حساب شعوبهم وعلى حساب كل صوت وطني معارض لفعلوها ..!!.

والحق أقول أن وجود المعارضة الوطنية هو ضمانة للوطن والمواطنين وهي الرقيب على السلطة من النفوس الآمارة بالسوء ، وهي الصوت الآخر الذي بدونه لا تكتمل الحقيقة ، فالحاكم ليس إلها منزها ً عن الشرور والآثام، وليس نبيا ً موحى إليه من الله لا يجب مراجعته أو اعتبار قراراته وأقواله منزهة ومنزلة وغير قابلة للنقاش، وليس سيدا ً يأمر فيُطاع دون تفكير ودون إستشارة ودون مراعاة للشعب وحقوقه ومقدراته وإلا أصبح ديكتاتورا مستبدا ً،

فالحاكم الذي ينفرد بالسلطة ويقول أنا ربكم الأعلى شرعيته بلا شك مهددة وعلى المحك، فالمعارضة الحقيقية هي صوت الشعب وليست صوت السلطة كالمعارضة الكرتونية صنيعة هذه الأنظمة التي لا تلبث أن تجد معارضا وطنيا حقيقيا لنراها تخرج كالكلاب المسعورة تهدد وتنبح وتخون وتفسق وتشوه وتبرر للسلطة جرائمها في حق الشعوب ، فالمعارضة الوطنية كانت وستظل وستكون بوقا للشعب و أحد أدوات الرقابة الفعالة على السلطة.

وعلى الحكام أن تسمع بل وتصغي جيدا عندما تتكلم المعارضة الوطنية، بل عليهم أن يخلعوا أحذيتهم عندما يتحدثون لانهم يعارضون لأجل مصلحة أمة ومصير وطن، ومن هنا فإنني أدعو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتفكير بشكل جدي في دعوة المعارضين الوطنيين والغيورين على مصلحة وتراب هذا البلد في اجتماع دوري، وليكن اجتماع شهري أو ربع سنوي على الهواء ، يتناقش معهم ويستمع إلى رؤاهم في القضايا الوطنية الملحة.

ويطرح عليهم رؤيته في بعض القرارات المزمع اتخاذها للوصول إلى حلول توافقية لا تبتغي غير مصلحة الوطن والشعب مقصدا ولا سبيلا ، وأقول للرئيس السيسي ثق تماما ً أن وجود المعارضين الوطنيين أمر يدعمك ، ويرد على من يتهمونك بقمع المعارضة والإستماع للصوت الواحد ، وإن كانوا يقولون أن المعارضة في أوقات الحرب خيانة ، خاصة وأن مصر تمر بظرف مفصلي وتاريخي تواجه فيه إرهابا منظما فإنني أقول لك أن السماع لأصوات المعارضة الوطنية في وقت الحرب هو أحد الأدوات التي يمكن للحاكم اللجوء إليها للإنتصار في المعركة ، لأنه في وقت الحرب الصوت الواحد والرأي الواحد لا يجدي نفعا ؛ بل أن وجود أصوات وطنية معارضة على الخط تشارك مع السلطة في صناعة ودعم القرار جزء من الإنتصار المؤكد حينما يكون مستهدفا ، فقرارات الحكام أو الحكومات في الأوقات الصعبة والمصيرية التي يمر بها الوطن قد تكون خطأ يحتمل الصواب ، ورأي المعارضة صواب يحتمل الخطأ ، كما أنه قد يخطىء الحكام والحكومات في أوقات الحرب وتصيب المعارضة ..

وهنا تحضرني كلمة الخليفة عمرو بن الخطاب عندما قال " أصابت إمرأة وأخطأ عمرو " ، فالمعارضة الحقيقية والوطنية يجب أن تكون جزءا من الحكم بل أحد أركانه الجوهرية، ومن خلاله تقوم وتتأكد وتتوطد شرعية الحاكم أو تسقط ، فانظمة الحكم الوطنية لا تخشى ولا تهنتز ولا تقمع أي معارضة وطنية وكلي ثقة في وطنيتكم.
حفظ الله مصر وشعبها إلى يوم الدين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط