الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أورهان خلف يكتب: المؤامرة يعادلها الانتصار

صدى البلد

في ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها سوريا عامة والشمال السوري (روج آفا) على وجه الخصوص، تلوح في الأفق خطط تصل إلى حد وصفها بالتآمرية في إطار أهداف كثيرة؛ من أهمها ضرب التجربة الكردية الديمقراطية التي تتمدد بتوافق جميع المكونات السورية في الشمال السوري ومن خلالها إفشال المشروع الأمريكي في محاربة الإرهاب في سوريا ولإبقاء النظام السوري كطرف قوي ووحيد في ساحة الصراع الذي تدور رحاه في سوريا الآن، وكل ذلك بدعم روسي تركي إيراني وبالطبع وفقا لتلبية مصالحهم الإقليمية والدولية في المنطقة.

وهذا ما توضح للجميع من خلال مؤتمر الأستانة التي كانت تعد روسيا داعمة كبيرة لها وتركيا قوامها وإيران الساعية لتحقيقها، والهدف من ذلك شل مشروع العم السام (أمريكا) والقوات المتحالفة معها وعلى رأسهم الكرد وشركائهم في مشروعهم الفيدرالي في الشمال السوري/روج آفا، من الإخوة العرب والآشور والسريان وغيرهم من المكونات القاطنة في الشمال السوري.

وما هو مخطط له وفق تلك المؤامرة حسب المطلب الروسي، أن تصبح كل من المناطق التالية (دمشق، ودرعا، وشمال حمص، وحماة، وإدلب) مناطق لوقف إطلاق النار بين الفصائل المسلحة وجيش النظام، وطبعا بالتزامن مع تقدم القوات الروسية في حمص الشرقية وباتجاه الشرق، حيث بدأت روسيا بتحرير عدة قرى ومناطق هناك.

جميع المؤشرات تؤكد نية روسيا توجيه جيش النظام نحو المناطق المحاذية لنهر الفرات عن طريق مسكنة وما بعدها، أي بمحاذاة قوات سوريا الديمقراطية، منعا لتقدم القوات الأمريكية التي تحاول أن تتقدم من الجنوب إلى الجنوب والشمال الشرقي .

أما إيران، دولة الملالي وحسب الاتفاق مع روسيا وتركيا، فهدفها التقدم نحو المناطق الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية عن طريق الخناصر ومحيطها، وبالتالي فتح الطريق لجيش النظام والتقدم نحو مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والحد من حركتها في محاربة الإرهاب.

أما بالنسبة لتركيا التي يمكن وصفها بـ"صبي الحمام"، أي أن مهمتها تقديم الدعم اللوجستي عن طريق روسيا لدعم ما هو متناسب مع مآرب الدب الروسي ومصالحها، حيث ستقدم الأخيرة لها ما يمكن تقديمه لتحقيق الهدف التركي بضرب التجربة الكردية الرائدة، من خلال الفصائل الإسلامية الراديكالية المسلحة من داعش ومن لف لفيفها.

ومن جهتها، تحاول الدولة الطورانية استغلال ثغرة بسيطة في محور تل أبيض لزج مرتزقتها في معركة الرقة، بمعنى آخر الهدف المجمل من كل هذه المؤامرة هو شل المشروع التحالفي للعم سام (أمريكا) ومخططه بالسيطرة على الحدود السورية والعراقية وإفشال حملة القوات المتحالفة معها (وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية) الذين بدورهم ومن خلال دعم واضح للتحالف الدولي وأمريكا يخوضون وحتى هذه اللحظة أشرس المعارك ضد تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الرقة عاصمة الخلافة الإسلامية المزعومة، وآخر أهم معاقل داعش وجحافلها، وذلك بغية تحريرها من رجس المرتزقة وتسلميها لمجلس الرقة الإداري لإدارة شئون المدنيين فيها، كما جرت في سابقاتها في تل أبيض ومنبج والطبقة بعد طرد داعش منها، ومن ثم الزحف نحو دير الزور والبوكمال.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن إدلب ستصبح مكبا صناعيا لما تسمى "الثورة السورية"، حيث بعد اتفاق الأستانة المزعوم وحسب بنودها تم نقل أغلب ما يسمون "الجيش الحر" وميليشيات المعارضة السورية الشوفينية وفصائلها بالباصات الخضراء من مناطق وقف إطلاق النار إليها، بحيث سيتم سحق جميع الفصائل الإسلامية الراديكالية الإرهابية والمتمثلة بجبهة النصرة وتوابعها هناك، مقدمة بذلك خدمة كبيرة للنظام السوري المجرم بعد تنازل عدة دول عن مطلبهم في إسقاط الأسد ومحاكمته دوليا.

والدليل على هذا كله هي هجمات تركيا على قره تشوك وشنغال والدرباسية قبل عدة شهور وهجماتها على عفرين بين الحين والآخر، وأنها كانت بالتوافق والتنسيق مع روسيا وإيران لسببين رئيسيين:
الأول رغبة روسيا في إبعاد أمريكا عن ساحة الصراع في المنطقة وتتسيد هي الموقف فيها مع إيران.
 
أما السبب الثاني؛ فهو عرقلة حملة تحرير الرقة وإنهاء سيطرة الكرد على تلك المناطق (المناطق الخاضعة لفيدرالية الشمال السوري) وإعادتها للنظام السوري وهذا ما تتمناه تركيا وتسعى لتحقيقه اليوم قبل الغد.

كل تلك المؤامرات لم تبطل من عزيمة شعوب الشمال السوري بجميع أطيافه بل وجابهوها بخطوة تعتبر تاريخية حسب الإعلام الكردي وبعض الصحف العربية منها والأجنبية بعد قيامهم بإجراء انتخابات دستورية بناءً على العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الذي تم إقراره مسبقا في مدينة الرميلان، والتي على أثرها شكل الكرد وشركاؤهم ثلاثة أقاليم وهي:
-إقليم الجزيرة والذي يشمل الحسكة وقامشلو
-إقليم الفرات ويضم تل أبيض وكوباني
-إقليم عفرين ويضم مدينة عفرين ومناطق الشهباء

وهذا ما اعتبرته جميع أطياف المعارضة السورية الشوفينية وإعلامها مخططا إسرائيليا أمريكيا كرديا لتقسيم سوريا.