الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصطفى أبوزيد يكتب: المخابرات البريطانية وأصابع الاتهام فى مقتل ريجينى

صدى البلد

بعد مرور عام تقريبا على مقتل الباحث الإيطالى ريجينى بمصر، وبعد العديد من الزيارات التى تمت من جانب الوفد المصرى لإيطاليا والجانب الإيطالى لمصر فى إطار التعاون المشترك لفك طلاسم تلك القضية التى استحوذت على اهتمام الرأى العالم المحلى والعالمى فى ظل توجيه الاتهام المباشر إلى الأمن المصرى دون وجود أدلة مادية تؤكد ذلك الاتهام بضلوع الأمن المصرى فى قتل الشاب الإيطالى والذى كان يعمل على دراسة بحثية فى مجال أوضاع وحقوق العمال فى مصر فى إطار اهتمامه بالحقوق العمالية بالدول العربية التى قامت بها الثورات ومدى تأثير ذلك على حقوقهم وعملهم نتيجة الحروب والقتال فى الدول العربية التى شهدت نزاعات مسلحة.

وفى ظل التراشق الإعلامى الذى حدث فى تلك القضية من الجانب الإيطالى والجانب المصرى قبل بداية التحقيقات الفعلية من جانب النيابة العامة المصرية، وبعد ذلك تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين للتعاون فى التحقيقات، ولكن الإعلام لم ينتظر ما ستسفر عنه التحقيقات وبات يكيل الاتهامات هنا وهناك، ولهذا قامت إيطاليا ببعض الإجراءات التصعيدية أهمها سحب السفير الإيطالى حتى الآن.

وبات الأمر محيرا للغاية، فما هو الدافع للأمن المصرى أن يقوم بقتل ريجينى، هل هو يعمل لجهة مخابراتية ووجوده بالقاهرة يضر بالأمن القومى المصرى وإن كان كذلك كان الأولى بالأمن المصرى القبض عليه لاستجوابه لاستخلاص المعلومات التى لديه لا أن تقتله، وكانت القضية ستمشى فى الإطار الطبيعى لمثل تلك الحالات، خاصة فى ظل العلاقات القوية التى تربط إيطاليا بمصر سياسيا واقتصاديا على خلفية التعاون الاقتصادى فى اكتشاف حقول الغاز عن طريق شركة "إينى" الإيطالية التى من المتوقع أن يصل حجم استثماراتها فى حقول الغاز إلى 3.5 مليار دولار، فهنا المنطق يفرض أن تكون العلاقات بين البلدين فى غاية الانسجام والمتانة.

ولكن فى ظل الأحداث المتلاحقة، الكل أغفل نقطة فى غاية الأهمية وهى عدم تعاون بريطانيا مع إيطاليا متمثلة فى الاستخبارات البريطانية وجامعة كمبريدج والتى بدأ ريجينى حياته البحثية دارسا فيها عن النشاط العمالى ودور الكيانات والتنظيمات العمالية فى البلدان العربية، خاصة التى تعانى من ويلات الحروب والنزاع المسلح، وبالتالى تلك الأبحاث تقع فى اهتمام دوائر الاستخبارات البريطانية، وهذا ما انعكس جليا فى عدم إبداء أى تعاون من الجانب البريطانى والمماطلة حتى فى الرد على المطالبات من الجانب الإيطالى بشأن تلك القضية الذى يضع بريطانيا فى دائرة الاتهام أن لها يد بطريق مباشر أو غير مباشر فى قتل الباحث الإيطالى ريجينى لأسباب سياسية خاصة بعد النمو المتزايد فى العلاقات بين مصر وإيطاليا، وهذا الذى وصل إليه بعض نواب البرلمان الإيطالى ورؤساء أحزاب ومسئولين سابقين وحاليين أن الأمن المصرى ليس له أى دوافع للقيام بتلك الجريمة، وبالتالى بدأت القضية تأخذ منحنى آخر صوب بريطانيا واتهامها بالقيام بتلك الجريمة بسبب اتهام جامعة كابمريدج بإخفاء معلومات عن الشاب الإيطالى والتى كانت طلبتها الحكومة الإيطالية.

إن تلك القضية أثرت بشكل كبير على التواجد الإيطالى سياسيا فى ليبيا بسبب عدم وجود السفير الإيطالى الذى أفسح المجال لتدخل فرنسا بشكل واسع، وهناك العديد من المطالبات من البرلمان الإيطالى بضرورة عودة السفير الإيطالى للقاهرة لعدم فقدان مكانتها ودورها، خاصة أن ليبيا هى محور اهتمام تاريخى بالنسبة لإيطاليا، والأيام المقبلة ستسفر عن الكثير من المفاجآت التى ربما تكشف لغز تلك القضية.