الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد أبوشنب يكتب: ورقة في برواز

صدى البلد

شاب يدعى "أحمد" نشأ في كفر عبد النبي، منيا القمح بمحافظة الشرقية، بدأت حياته العملية وهو يبلغ من عمره 14 سنة، عمل على تجميع البلح في بركة السبع بالمنوفية.

"أحمد" لا يعترف بأن هناك سقفا للطموح، فجمع بين الدراسة والعمل حتى حصل على ليسانس آداب وتربية - شعبة الفلسفة والاجتماع بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف في عام 2006.

اعتقد أحمد أن الدنيا تبتسم له، فطلب تعيينه في الجامعة ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ولكنه لم يستسلم وعمل في أحد المقاهي بالقاهرة، وقرر أن يكمل دراسته حتى يحصل على الدكتوراة، ما جعل الكثير يسخرون منه ويقللون من شأنه ولكنه لم يسمع لهذا الكلام مؤمنا بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

وأكمل أحمد معركته بالفعل وكان يقوم بالمذاكرة أثناء عمله في أحد المقاهي المشهورة في حي الزيتون حتى اجتاز الدبلومة العامة في الفلسفة في عام 2007 بتقدير امتياز، ما جعل الذين كانوا يقللون من شأنه يفخرون به في جلساتهم.

ثم اجتاز أيضا الدبلومة الخاصة لإعداد المعلم في الآداب في عام 2008 بتقدير عام جيد جدا.

كان حلم "أحمد" أن يعمل دكتورا في إحدى الجامعات، ولكن أيقن أيضا أنه لابد ان يتزوج ويبني أسرة وأن يصبح أبا، وفي نفس الوقت لا يريد أن يتنازل عن حلمه الذي أصبح تحقيقه صعبا جدا مع تكاليف الحياة الباهظة.

تم تعيين "أحمد" في جامعة الزقازيق موظفا إداريا "كاتب" بالمكتبة، وكان يسافر أيام العطلات الأسبوعية والسنوية ليعمل بأحد المقاهي لزيادة الدخل، ومع كل هذا كان يحضر للماجستير.

وبتوفيق من عند الخالق، تزوج أحمد في عام 2013، وفي نفس العام حصل على ماجستير لإعداد المعلم في الآداب، وكان موضوع الماجستير "الليبرالية في فلسفة جون ستيوارت مل" بتقدير امتياز مع التوصية بتبادل الرسالة مع الجامعات المصرية.

وعندما خرج "أحمد" وجلس بأحد المقاهي ليتأمل كل هذه الإنجازات، وجد أن كل هذه الشهادات لا تغير في الواقع شيئا.

وكان لزوجته دور في إحياء الطموح والمثابرة، وأكمل "أحمد" معركته للحصول على الدكتوراة، حيث إن الخالق أرسل له من يقف بجواره ويشجعه في رسالة الدكتوراة، وكان هذا الإنسان دكتور مراد وهبة.

ورزقه الخالق مولودة في عام 2015 التي كانت بمثابة الوقود الذي أشعل لهب الطموح والمثابرة حتى حصل على الدكتوراة في الآداب بمرتبة الشرف الأولى، وكانت رسالته "الفكر السياسي في فلسفة ريتشارد رورتي" في عام 2017.

ومازال هذا الدكتور الشاب فخر كل شباب الدولة المصرية يعمل كاتبا بجامعة الزقازيق، وفي العطلات يعمل بأحد مقاهي حي الزيتون.

إلى أي باب يطرقه بعد ذلك، شهادة التقدير ليست ورقة في برواز ولكن بعلم يتداول بين الناس.

هذا الشاب يستحق أن يكون على منصة المعلم ونقف نحن الطلبة فخورين به نستقبل علمه ونتعلم منه معنى الكفاح والمثابرة.

أنحني لك احتراما وتبجيلا أيها الدكتور وأتمنى لك دوام التوفيق والنجاح.