الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البحث في حقيقة الأديان


الكثير يعتقد أن القراءة والبحث في الأديان سيجعلك تصل إلى ما وصل إليه الملحدون، لأنهم ليسوا إلا أشخاص يستخدمون عقولهم بدون قيود، ولكن الحيادية في البحث أدت ببعض الملحدين الباحثيين إلى الايمان بالله، وقليل من بقوا على الإلحاد منهم، ومش ده موضوعي هنا.. السؤال بقى..
لماذا وجد أن استخدام العقول دون قيود يؤدى إلى الإلحاد؟
لماذا لا يفكرون في هذا الموضوع ويستخدمون الحيادية فى الإجابة؟
لماذا الهروب؟ هل وقفت الحيادية وحريات العقول حتى وصلوا لهذه القناعة ؟

لكل من بحث ووجد أن الإيمان بالله ورسالاته وهم لا أساس له، ما تفسيرك فى بقاء تلك الحقائق عبر كل التاريخ والعصور الإنسانية، وزوال ماعداها من مدارس فكرية ومعتقدات وثنية والحضارات بكل أنواعها وتباينها.

ما تفسيرك فى بقاء تلك المعتقدات عالقة ومتوارثة ومتملكة من كيان الإنسانية طيلة كل العصور؟

الملائكة.. إبليس.. الجن والشياطين.. الرسل والأنبياء.. الجنة.. النار.. اليوم الآخر.. الأديان السماوية، مازال الجميع بكل زمان وأرض ومكان يعلم أسماء رسل الله.. الكل باختلاف طبقاتهم وجنسياتهم ومستوى ثقافاتهم.. المتعلمون والجهلة.. ولا يقتصر الأمر على المؤمنين بالله ورسله بل حتى من كفر وألحد.. الكل يعرف من هو آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.

لا أكتب لأقنعك بأن تؤمن، ولكن لتقرأ، لأني كنت واحدة من هؤلاء المؤمنين بما يملى علي من قناعات دون علم، عشان هو المفروض كده، عشان هو ده الصح، عشان بابا وماما مسلمين فأنا كمان مسلمة، بس لما قريت لقيت حاجات كتير، حاجات خلت عقلي يفكر وبقى طعم الإيمان مختلف، بقى اختيار، الإيمان هو إن ممكن يكون حاجة بعقلك مش مقنعة تماما، ومش قادر عقلك يستوعبها، بس إنت من جواك دقتها أو حاسسها، لمساك ومش عارف تشرحها، بس مؤمن بيها، زي وجود الهوا كده مثلا، مش قادر تلمسه ولا عندك له صورة شخصية، بس إنت بتتنفسه، فعارف إنه موجود بالرغم من عدم إثبات وجود له مرئي.

فيه عالم فلك اسمه "فريد هويل" في كتابه mathematics of evolution بيقول: "في الحقيقة كيف لنظرية علمية واضحة جدًا تقول إن الحياة جمعها عقل ذكي، ومع ذلك فإن الشخص يتعجب ويتساءل، لماذا لا يقبلها بشكل واسع باعتبارها بديهية ‍‍؟ لكن أغلب الظن أن الأسباب نفسية أكثر منها علمية".

فيه آية سمعتها بالصدفة في راديو وكنت كأني بسمعها لأول مرة، وهي كانت السبب إني أكتب المقال ده، لو تدبرت فيها وفكرت هتلاقي إن ربنا نفسه بيقولك فكر، بس في الآخر إنت اللي هتختار تشوف بعين الإيمان أو عين الشك.

"سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ "146 الأعراف.

وبرضه عشان متفهمش غلط، لا وجود لدين سماوي أفضل من دين، ولا لرسول أفضل من الرسل الآخرين، ولا لمكانة لنبي عند الله أعلى من الأنبياء الآخرين، وحتى القرآن بيعترف بده.

"آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ".

فلا وجود لعقائد أو أيديولوجيات جيدة تمامًا وأخرى سيئة تمامًا، ولا وجود لبشر أو لشعوب، أخيارا أو أشرارا، بل هناك فقط، بشر على قناعة راسخة بأن بعض الأفكار تمثل الخير المطلق، وأفكار أخرى معارضة.

أنا مش شايفة مشكلة في أن يعتقد المؤمنون في كل دين بأن دينهم هو الدين الصحيح، لكن بشرط الإقرار بمبادئ المساواة والعدل والتسامح، والاعتراف بالآخر واحترامه، بغض النظر عن انتمائه الديني والعرقي، وربنا نفسه قال "وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً".

وده أكبر إقرار ودليل على الحرية البعيدة عن تعصب المتزمتين الذين يرفضون وجود أديان أخرى ويعتقدون بوجوب القضاء عليها، أو تكفيرها.

عشان كلامي ميفقدش هدفه.. إقرا.. وفكر.. ده الإيمان.. إقرا في دينك أو في الأديان السماوية وغير السماوية.. عشان من غير ما تفهم مش حتعرف معنى إنك تختار، وساعتها هتلاقي طعم لإيمانك ويوم ما حد يسألك في حاجة متلاقيش نفسك من غير إجابة مقنعة له ولنفسك، بس لما تقرر تقرا، إقرا عشانك مش عشان تثبت حاجة لحد.

الشك ألم وحيد جدًا ليعرف أن الإيمان توأمه. – خليل جبران
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط