الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سد النهضة .. تداعيات سياسية


على واقع تراجع الدور المصري في القارة الأفريقية بعد رحيل جمال عبدالناصر الذي ارتبط بعلاقات مع أفريقيا امتدت لسنوات طويلة حتي بعد رحيله حيث كانت مصر بعد التحرر من الاستعمار البريطاني قبلة الأفارقة والداعم الأساسي لرواد حركات التحرير الأفريقية وآباء الاستقلال وتحررت أفريقيا من الاستعمار التقليدي في ضوء مساندة مصرية لا ينكرها أي أفريقي حتي الآن.

وقد أدي انسحاب مصر من القارة وخصوصا في حقبة الرئيس حسني مبارك إلي وجود قوى أخرى تعملقت علي أثر هذا الغياب وأدي ذلك إلي تراجع الدور المصري في القارة عموما وفي عمقنا الأفريقي بدول حوض النيل التي تحمل مصالحنا المصيرية معها وذلك بتواجد نهر النيل عصب الحياة للمصريين ومصدر كل نشاط اقتصادي بها.

وفي أثناء ثورة 25 يناير استغل الجانب الإثيوبي الانشغال الداخلي وعظم التحديات الداخلية وأعلن بشكل منفرد عن بناء سد النهضة أو سد الألفية وعلي الرغم من المبررات والحجج الإثيوبية التي تم علي أساسها هذا الإجراء فإن مصر لديها حقوق تاريخية مكتسبة ثابتة بحكم الاتفاقيات التي تم إبرامها منذ عقود طويلة وتحدد العلاقات بشكل ملزم بين مصر ودول حوض النيل إلا أن الجانب الإثيوبي لا يعترف بتلك الاتفاقيات علي أساس أن تلك الاتفاقيات لا تمثل إلا من وقعها، والقصد هنا القوي الاستعمارية وهذا يمثل خرقا واضحا من جانب إثيوبيا لقواعد الاستخلاف في القانون الدولي والعلاقات الدولية التي تلزم الدول بالالتزام بمعاهداتها الثابتة في فترات سابقة بغض النظر عن النظام السياسي وطبيعته في البلاد.

ومازال الجانب الإثيوبي علي هذه الحالة وفي تقدم في عمليات بناء السد دون النظر أو الالتفات إلي الاعتراضات المصرية التي تعبر عن وجهة النظر المصرية الثابتة في تلك المسألة في تغليب واقع التشاور والتفاوض عن أي خيار آخر وهو أمر أراه محمودا مع تحصين هذا الخيار ببعض الرؤي الخاصة بالتصعيد إذا تطلب الأمر ذلك وهذا التصعيد ليس معناه أبدا الصراع أو الحرب أو التلويح بهما ولكن يكون من خلال تحرك قانوني وبدائل أخرى تؤدي إلي تغليب واقع التعاون والتشارك علي صيغة أخري ، فمن المعروف أن إثيوبيا تمثل ذراعا لدول وقوي دولية تريد التأثير علي المصالح المصرية ، ويكفي هنا أن نشير إلي العلاقات الممتدة بين إسرائيل وإثيوبيا وكذلك إسرائيل وجنوب السودان ، كل هذا أدي إلي الإضرار بالمصالح المصرية ومحاولة إظهار مصر علي حالة ضعف التأثير في القارة وهو أمر خططت له قوي إقليمية ودولية تحاول تغيير خريطة القوي الإقليمية في القارة.

إلي هنا تصبح العودة إلي أفريقيا حتمية وخصوصا في مناطق المصالح بداية والقصد هنا منطقة حوض النيل وشرق أفريقيا والغرب الأفريقي لاعتبارات الحفاظ علي مصالحنا المائية في منطقة حوض النيل والشرق الأفريقي ومواجهة الحركات الارهابية التي تنطلق من الغرب الأفريقي وذلك وفق آليات تضمن لنا العودة إلي التأثير لتفادي تداعيات سد النهضة ومن وراءه.. وإلي حديث أفريقي جديد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط