الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معاناة «أهل المقابر».. مشروع تخرج هايدي الذي تحول إلى عمل خيري

صدى البلد

شابة عشرينية دفعتها الدراسة لترك عائلتها بمحافظة بورسعيد والتواجد في القاهرة، وأثناء عودتها من الجامعة لسكنها تمر بـ "مقابر الغفير" في طريق صلاح سالم، لتصدم بمشهد لم تراه من قبل، حيث اندهشت لمشاهدة أطفال يلعبون ويصيحون بأصوات مرتفعة في سعادة في ساحة المقابر..وسيدات يجلسن ليطهون بجوار الزواحف في ذلك المكان الموحش..وأخريات ينشرن ملابس مبللة بجوار بوابة المقابر.

أثار هذا المشهد فضول هايدي عيدة 21 عاما، لتعرف ما سبب وجودهم في المقابر بهذا الشكل الذي أقرب للحياة الطبيعية، زارتهم مرة فرفضوا الحديث معها، فاتفقت مع الغفير في "مقابر الغفير" للحديث معهم، موضحة "كنت عاوزة اتكلم معاهم أعرف هما عايشن كده إزاي وبإرادتهم ولا غصب عنهم وزي ما بيتقال عنهم هما تجار مخدرات وأسلحة ولا فقرا".

"إحنا ميتيين بالحيا يا بنتي منفرقش عن المدفونيين دول حاجة"، كانت هذه أولى الكلمات التي سمعتها هايدي من إحدى ساكنات المقابر؛ فلم تتماسك وانهمرت في البكاء بعد رؤية أيدي السيدة المتسختان وملابسها الرثة ، لتتأكد من أن بقائهم في هذا المكان ليس إلا لعدم وجود بديل عنه بسبب فقرهم الملحوظ، وقررت أن تقدم الفيلم الخاص بمشروع التخرج في كلية الإعلام عنهم كتوثيق لمعاناة سكان المقابر.

في البداية ذهبت برفقة صديقتيها الجامعتين لأكثر من 3 مقابر لترصد معاناة سكانها، ولاحظت عدم تغيير "أهل المقابر" لملابسهم طيلة فترة التصوير والتي تقدر بحوالي 14 يوما، لتكتشف أنهم لا يملكون سوى الملابس الذين يرتدونها.

وتصف الطالبة الجامعية أول حوش زارته، بأنها وجدت أسرة بأكلمها تنام في العراء بجوار الزواحف، ومنهم من يتواجد في استراحة يوشك سقفها على الانهيار واتفقوا على عدم وجود دورة مياه، ولا مكان للطهى فضلا عن عدم وجود طعام بشكل يومي، قائلة "قلبي وجعني من اللي هما فيه..شوفت معاناتهم اسبوعين بس ومستحملتش نفسيتي باظت ومكنتش عاوزة اخلص المشروع واقطع علاقتي بيهم".

كان شعور الشابة العشرينية بالمسؤولية تجاههم، الدافع لمساعدتهم بأي وسيلة، فادخرت مصروفها اليومي لتعطيه لهم، ولكن وجدت أنه مبلغ ضئيل جدا مقارنة بعدد الأسر واحتياجتهم، فقررت استغلال مواقع التواصل الإجتماعي لجمع التبرعات لهم بكل أشكالها، ولاحظت استجابة الكثير خلال وقت قصير وأغلبهم لا يعرفونها على المستوى الشخصي، موضحة"كان نفسي أساعدهم بأي طريقة، نزلت كذا بوست وناس كتير استجابوا وجمعنا فلوس وهدوم كتير صيفي وشتوي وهدايا وحاجات عينية" كما قالت هايدي.

"جمعنا لهم الهدوم مش عشان العيد بس..عشان هما مش عندهم هدوم أصلًا" هكذا علقت هايدي على احتياجات سكان المقابر، حيث ظلت على علاقة بهم لعدة أشهر تبادلهم الزيارات كل فترة وترى ما ينقصهم لتجلبه معها في الزيارة المقبلة "التبرعات بالنسبة لهم زي المسكنات مش هتغير وضعهم للأحسن..هما محتاجين يتنقلوا من المكان الموبوء ده ويعيشوا حياة آدمية" كما قالت هايدي".