الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عيد الأضحى وتجليات "اللحمة"


بداية كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك, أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات... ولأن هذه الأيام المباركة لها طقوسها , فتجد القاصى والدانى والفقير والغنى والمقيم والمسافر قد اتفقوا فيها وعليها, وأهم هذه الطقوس على الإطلاق " أكل اللحمة " , ولا أظن أن فردا يعيش معنا على هذه الأرض فى هذا اليوم بالتحديد أن لا يقترب حديثه من اللحمة.

فثقافة هذا العالم الملىء بالشيزوفيرنيا أن هذه الأيام هى أيام " اللحمة " وليست أيام الطاعة لله سبحانه وتعالى, ولكن فى نفس الوقت تجد من هم فى أشد الحاجة للحديث عن "اللحمة" وخاصة أن حياتهم مجرد حديث ولا تخرج تفاصيلها عن الكلام .. وهذا الكلام مرتبط بجروح وآمال وعناء وشقاء وأحلام تُنسج فى اليقظة قبل النوم , لأن الظروف الاقتصادية لعائلات كثيرة باتت لا تسمح لهم بأكل اللحمة كل أسبوع ولا حتى كل شهر , فما كان عليهم إلا أن يعيشوا مع السرد الحكائى عن هذه الوجبة المفقودة للفقراء فى عالم غنى بالتجليات التى يرضى من يشعر بها أو حتى على الأقل من يتحدث فيها .

والرضا مطلوب وموجود عند أغلب المواطنين الذين يشعرون أن منحنى حياتهم أخذ اتجاها الى أسفل , ولكن برغم وجوده فآخرون يرددون عبارات الرضا ليس لأنه وصل الى حالة الرضا الحقيقية التى تجعله مستكينا من الداخل والخارج , ولكن وصل الى اللامبالاة وقلة الحيلة ما يجعله يردد عبارات الرضا لأنه لا يستطيع ترديد عبارات غيرها, "وما باليد حيلة " كما يقول المثل المصرى , الذى حول أغلب المصريين الى عجائز فقدوا قواهم وعزيمتهم بسبب قسوة الأيام عليهم .

والطريف المغموس فى حالات الألم أن " اللحمة " قد تُشعر أكلها بالكبرياء , خلال هذه الأيام التى ساءت فيها الأحوال الاقتصادية , وقد ينتج بسببها عنصرية بين من يأكلها وبين من لا يأكلها , وقد أتخيل مشاجرة بين طرفين يعاير فيها طرف الآخر ويسأله بمنتهى العنصرية , "(أنا باكل لحمة كل شهر .. إنت آخر مرة كلتها إمتى ؟!!)... ولهذا تجد الكثير من الذين اتجه منحناهم الى أسفل يسيرون فى الظلمة يغنون ويتشدقون بالأيام الماضية , وقلوبهم متعبة لدرجة أنهم نسوا معنى الاحتفال وأصبح عيد الأضحى كعيد الفطر , بل أصبح العيدان كسائر الأيام , ويظل التراث وحكايات الماضى عنوان كل مرحلة قادمة.

يا سادة ... الشعب المصرى يعانى بسبب الارتفاع المستمر لأسعار السلع الرئيسية مما ينذر بأن كوارث محققة ستحدث إذا ظلت الأسعار في هذا الصعود الجنوني وظلت الأجور في تدنٍ مستمر .. ذلك لأن وحش الاسعار أصبح يهدد الجميع بصورة مفزعة في الفترة الاخيرة وأصبحت ميزانية الاسرة لا تحقق حد الكفاية من الضروريات (حتى اللحمة فى العيد) .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط