مبادرة المطرب حكيم وفاعلية الولاء للمجتمع

فلنرفع قبعات الإشادة للمطرب حكيم الذي اختير مؤخرًا للغناء علي مسرح "الأوليمبيا" بفرنسا ، حيث قرر الفنان المصري فور اختياره أن يبادر بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة المصرية ، كي يستغل جولته الأوربية في الترويج لمعالم السياحة المصرية ولثقافتنا العريقة، وفننا الشرقي والعربي الأصيل ، فضلا عن تخصيصه عائد جميع حفلاته لصالح صندوق تحيا مصر ، ومؤسسة مجدي يعقوب ، ومستشفي 500/500 لعلاج الأورام.

لقد أدرك "حكيم" ومعه هشام الدميري رئيس هيئة تنشيط السياحة ، وسفير فرنسا بالقاهرة ، أهمية المهرجانات الفنية، التي تعد أحد أنماط الأحداث الخاصة الثقافية والفنية في ترويج الصورة الذهنية لبلاده، كفرصة طيبة للمجتمع الدولي لإدراك قيمة بلاده، وتوظيف الحدث كأداة للقوة الدبلوماسية الناعمة Soft power”/diplomacy وتعزيز العلاقات السياسية بين مصر وفرنسا ، والثراء الثقافي المشترك بينهما، فضلا عن تمرير رسائل دعائية مفادها قدرة مصر علي تجاوز أزماتها الاقتصادية والسياحية بسواعد أبنائها المخلصين اصحاب مثل هذه المبادرات وبرامج المسئولية الاجتماعية السامية .

ولكن ينبغي أن يتخطي الموضوع حدود المبادرات الفردية ، لرؤية إستراتيجية متكاملة من قبل وزارة السياحة والقائمين علي صناعة الإعلام في مصر ، بأن تتضافر جهود هيئاتهما في تنظيم مثل هذه الفعاليات بشكل دوري، بحضور نجوم الثقافة والفن والرياضة وخبراء العلوم والآداب ، علي أن تعقد هذه الأحداث بشكل مستقل كالمهرجانات والاحتفالات الفنية والثقافية ، أو أن تتخلل انعقاد فعالياتنا الدولية والإقليمية ، كما في البطولات الرياضية التي تستضيفها مصر في مختلف الألعاب ، والتي ينبغي أن يصاحبها جولات سياحية للوفود والبعثات الأجنبية ، بمعالمنا السياحية ومراكزنا الثقافية والفنية.

لقد أثبتت الدراسات والبحوث الأجنبية الأخيرة في مجالات السياحة وتسويق الفعاليات Event Marketing، قدرة الأحداث الخاصة واسعة النطاق كالبطولات الرياضية الكبري والمهرجانات علي ترويج المعالم السياحية لمجتمع الحدث Event Society، وتسويق العلامة التجارية للفعاليات، وما يتبعها من تعزيز وتدعيم معاني الولاء للزوار نحو المدينة والدولة مستضيفة الحدث Event City، وقد حددت نتائج الدراسات محددات ومعايير هذا الولاء في إيجابية اتجاه السياح والزوار نحو القيم والخدمات المادية وغير المادية التي يقدمها الحدث، وحرصهم علي البقاء لأطول فترة ممكنة بالدولة المستضيفة ، وتكرار زيارتهم لها، وتوجيه الدعوة لأقرانهم وأقاربهم للزيارة المستقبلية للحدث ومدينته ، بغض النظر عن استضافتها لفعاليات مماثلة من عدمه .

لقد سردت بمقال سابق بعنوان " صناعة والفعاليات والدعاية السياسية" إدراك الرئيس الفرنسي ماكرون لأهمية الأحداث الرياضية في ترويج الصورة الذهنية لبلاده ، من خلال إعلانه لدعم ملف ترشيح فرنسا لاستضافة الألعاب الأوليمبية ، وها هي فرنسا تعلن أيضًا عن إدراكها لدور آخر للفعاليات في الترويج السياحي، وفرنسا وإن امتلكت مسرح "أوليمبيا" العالمي ، فإن مصر تمتلك أكثر من ثلثي آثار العالم ، وتراثا ثقافيا عريقا، وكوادر بشرية مؤهلة ، وكلها مقومات قادرة علي تدعيم صورة مصر، وتعزيز مواردها الاقتصادية ..فالأفكار كثيرة ولكن هل من منفذ؟.