الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تتابع السياق.. في فصل النفاق


لست بصدد الكلام عن آيات النفاق الواردة في القرآن الكريم، ولا عن أولئك الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون غير ذلك، فقد أفاض المفسرون شرحا وتفسيرا وتوضيحا ،-فضلا عن أني لست مفسرا - فالمقال هنا خارج هذا السياق القرآني - إلى حد ما- فحديثنا عن المنافقين الجدد " إن صح التعبير" وإن كان النفاق في معناه اللغوي لم يتغير، مهما تغير الزمان والمكان، فقط تغيرت الوجوه وطبيعة الأقنعة.

تجلت مشاهد النفاق، بعد ثورات "الربيع العربي" وإن شئت فقل "الخريف العربي" بذلك تكون أصبت حقيقة واقع ذاك الربيع المدروس والمدسوس، فقد أخرج لنا من الأنفاق وابلا من المنافقين والناشطين والمتقولين والمتكلمين والمتأسلمين والمتعصبين والمذهبيين والطائفيين، وغيرهم .

لعبت التحولات المجتمعية والسياسية والنفسية، دورا شديد الأهمية في خلق وابتكار أساليب النفاق الحديثة، والعجيب أن المنافقين قبل أن يصدروا أكاذيبهم للناس ؛ كذبوا على أنفسهم فصدقوها ! واعتقدوا أنهم على حق وغيرهم على باطل ، وأصبح كل منهم يمارس النفاق، كل في ملعبه وساحته وميدانه، يحترف نفاقا نابعا من الأنانية وحب الذات، والمصالح الشخصية، وفي ذلك فليتنافس المنافقون، مستخدمين أدوات الكذب والخداع والمكر والغش والمديح " في غير موضعه" والتملق لأصحاب السلطات.

أصبح النفاق سيد معظم المواقف وأغلب المشاهد ، وصار أسلوب حياة الكثيرين - إلا من رحم ربي - بينما تحول الصدق إلى عملة نادرة، فقليلا ما تجد أناسا صادقين، مخلصين ، تتفق أقوالهم مع أفعالهم ، وإن وجد أحدهم اعتبره المنافقون ؛ إنسانا غريبا وشاذا، وربما خائنا ومتآمرا ! وكأن الصادق أتى من زمن آخر وليس من أبناء هذا الزمن المتوهج بالنفاق .

من خلال مشاهد الكذب الصريح والمباشر، ودون خجل يذكر أو توبة تعلن، تسمع وترى مجاملات فجة وخبيثة وتزييف حقائق أو طمسها بالكلية، وتحريف كلمات الحق عن مواضعها ، حتى باتت تلك الصفة المنبوذة، طابعا في صاحبها، ولغته المعاصرة، لغة متداولة على ألسنة من أتقنوها ، فانحدرت القيم، ومالت الأخلاق إلى أدنى مستوياتها ، وساءت معظم العلاقات الاجتماعية والإنسانية، فتبلدت المشاعر والأحاسيس وضاع الكثير من حقوق الضعفاء ممن ليس لديهم القدرة على النفاق فهم لا يمتلكون قيمة قناع ! .

المنافقون نشيطون دائما ، فهم يلهثون ليلا نهارا خلف مصالحهم الشخصية مرتدين عباءات الوطنية والغيرة على الصالح العام !، تجد ألسنة النفاق تلحن وتعزف على أوتار كثيرة في كافة مجالات الحياة، لديهم سكك وأنفاق ينفذون منها وإليها عند الضرورة، تجدهم فوق منابر الإعلام وفي ميادين السياسة والمجتمع ومؤتمرات حقوق الإنسان ، ولم تخلُ منهم الإدارات الحكومية وغير الحكومية، حتى منابر الفتاوى و"الدعوة إلى الله " لم تخلُ من المنافقين ! فكل المنافقين يستخدمون -ببراعة شديدة - كل الأساليب والأدوات المتاحة لهم وربما ابتكروا أدوات جديدة أو مستحدثة بما يستلزمه الموقف والحدث ، فهو يتلون ويتغير حسب المعطيات والمواقف ومنعطفات المصالح ، إنه يأكل على كل الموائد ويطلق ابتسامته الصفراء في كل الزوايا والاتجاهات، ولديه براعة في قلب الحقائق .

اقتراح : أقترح سن قانون يعاقب كل من ثبت عليه نفاق أضر بالصالح العام أو أضاع بنفاقه حقوق الغير، أو ثبت أنه كان مؤيدا لجهة ما، وعندما سقطت أدار لها وجهه مسرعا إلى الأقوى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط