الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكراه..ابن طولون...أسس الدولة الطولونية...وبنى مسجدا بسبب حلم..وتوفي لسبب غريب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أحمد بن طولون أمير مصري أسس «الدولة الطولونية» في مصر والشام، وهي تعتبر إحدى الدول المستقلة عن الدولة العباسية، وتعد أول دولة يكون حاكمها مستقلًا عن حكومة الخلافة العباسية، وظلت لعدة أجيال من أسرة ابن طولون، واستمرت الدولة الطولونية منذ عام 868م حتى عام 884م حتى تم انهائها على يد "محمد بن سليمان الكاتب".

ولد ابن طولون في 20 سبتمبر عام 835، واسمه الحقيقي أبو العباس أحمد بن طولون، نشأ في قبيلة التغزغز التركية، وكان والده مملوكًا أُرسل هدية إلى الخليفة المأمون والذي أعجب بإخلاصه وذكائه كثيرًا، فولاه منصب رئيس الحرس وظل في هذا المنصب طيلة 20 عامًا.

نشأ أحمد تحت رعاية والده العسكرية، مبتعدًا عما كان يرتكبه نظرائه الأتراك من لهو وعبث وارتكاب المنكرات، فشاع عنه التقوى والشدة، وكانت أخلاقه الصالحة دافعًا لاختياره للعمل كضابط في "ثغر طرسوس" وكانت تقع هذه المدينة على الحدود بين آسيا الصغرى والشام وكانت ملتقى للمسلمين حينها، فقضى أحمد ابن طولون عدة سنوات في طرسوس وتعلم على أيدي العلماء ونهل من علمهم وثقافتهم، وتزوج وأنجب، ونظرًا لشجاعته كان يتطلع حينها للمشاركة في غزو الروم، وفقًا لما ذكر في " سيرة أحمد بن طولون".

دخل أحمد بن طولون العالم السياسي خاصة بعد توليه منصب "أمير الستر" بدلًا من أبيه بعد وفاته، وفوض إليه الخليفة العباسي المتوكل الأعمال العسكرية، واستطاع حينها الاستيلاء على أكثر من إمارة استغلالًا لقوته ونفوذه، مثل إمارة الثغور، ودمشق، ومصر.

وبعد دخوله إلى مصر استطاع استغلال مواردها بشكل صحيح، وأقام نهضة شاملة في أكثر من مجال مثل الزراعة والصناعة والطب والاقتصاد والعمارة، وبنى مدينة "القطائع" كمدينة جديدة خاصة به تقع مكان "المقطم حاليًا" وأحياء القاهرة الحالية كالسيدة زينب والقلعة، وأنشأ فيها قصرًا ضخم له، وجامع يحمل اسمه، ودارًا للإمارة فضلًا عن البيوت والمستشفيات، وقسمت المدينة إلى أقسام كل قسم يحمل اسم قطيعة و اسم الطائفة التي تسكنها.

وعن الجامع الذي يحمل اسمه، فهو يعتبر من أشهر المساجد في مصر، ويذكر أنه قرر بنائه بسبب أدائه للصلاة في مسجد ضيق جدًا فقرر بعدها بناء هذا المسجد، وكان هذا بسبب حلم فبعد بنائه للمسجد حلم بأن نيران تلتهم المسجد، ففسره له البعض "بأنه تقبل من الله"، ويعتبر هذا المسجد من المعالم الأثرية في القاهرة، حيث طلب الأمير بن طولون من مهندس قبطي يدعى "سعيد بن كاتب الفرغاني"، بناء مسجد قوي وقال له "أريد مسجدًا إذا احترقت مصر بقى..وإذا غرقت بقى"، وبالفعل ظل على حاله لعدة قرون دون الحاجة لتجديدات كثيرة، وهذا ما حدث فبعد غزو الدولة العباسية لمصر قضت على القطائع بالكامل ولم يبق إلا المسجد.

اهتم أيضًا بالصناعة حيث ازدهرت صناعة النسيج في عصره، خاصة استخدام الكتان، وإضافة المنسوجات المطرزة بالذهب إلى السوق المصري، فضلًا عن اهتمامه أيضًا بالطب حيث أنشئ مشفى لمعالجة كل المرضى مجانًا مع تقديم العلاج وثياب جديدة للمريض.

توفى الأمير أحمد عن عمر يناهز 49 عامًا، ويرجع سبب وفاته إلى أن "بازمار الخادم" استولى على حكم طرطوس التابع لسلطة ابن طولون، فجمع الأمير جيشه وذهب لطرطوس ونشبت معركة ثم انسحب ابن طولون خوفًا من اشتداد الحرب وتدخل طرف خارجي ، وبعد عودته إلى داره في أنطاكية كان الأطباء يعالجونه، ولكنه أكثر من شرب لبن الجاموس فأصيب بـ"الهيضة" وهو مرض معوي يشبه الكوليرا، ورغم معالجة الأطباء له إلا أن الدواء لم يشفه وتوفي في 10 مايو عام 884م.