الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: هواجس المرأة عند سن الثلاثين

صدى البلد

تنتظر المرأة يوم عيد مولدها من كل عام بفارغ الصبر لكى تحتفل به وسط أفراد العائلة والأصدقاء وتستقبل الهدايا وتسعد بالمفاجآت التى تهيأ لها في مثل هذا اليوم.

ولكن في عيد ميلادها الثلاثين يكون الوضع مختلفا، فهي علي الأغلب لا ترغب بالاحتفال به كالعادة تتهرب من أصدقائها وتحاول أن تختفي يومها قدر المستطاع ، فالطقوس التى كانت تجريها خلال سنواتها الماضية على النقيض تماما وتختلف كليا مع هذه السنة الثلاثينية، فهي تستيقظ متأخرة في هذا اليوم وتنظر إلى المرآة جيدًا باحثة عن التجاعيد والشعرة البيضاء لاعتقادها أن هذه الصفات ترتبط ارتباطا وثيقا بسن الثلاثين، فالمشاعر والأحاسيس تتحول فجأة من طفلة طائشة ترغب في اللعب واللهو مع أصدقائها إلى امرأة عاقلة تفضل الجلوس في منزلها تفتش في أوراقها الشخصية وتدقق النظر إلى يوم الميلاد أملا في أن تجد نفسها مخطئة وأن الأمر قد اختلط عليها وأنها مازالت في العشرينات من عمرها.

ولكنها سرعان ما تصطدم بحقيقة أنها قد أتمت التلاثين في عامها هذا، وكأن الأوراق الرسمية اتفقت مع تفكيرها وأحاسيسها على تأكيد خوفها وقلقها تجاه هذا العمر.

قد يكون هذا الرقم بالنسبة للمرأة التى تزوجت وأنجبت مجرد رقم عابر، فقد لا تشعر به بسبب التزاماتها اليومية وأعباء الحياة التى لا تنتهي، بينما لفتاة بلغت من العمر ثلاثين عامًا ولم تتزوج فقد يختلف الأمر كثيرا، فهذا العمر قد يمثل "بعبع" عند كثير من الفتيات إلى جانب الخوف الذي يصاب به أهالي البنت، فهم يعتقدون أن هذا الرقم ناقوس خطر يدق حول تأخر الزواج، بالإضافة إلى البيئة المحيطة بها ونظرة المجتمع الذي ينظر إليها نظرات اتهام ويحملها المسئولية بسبب تأخر زواجها.
 
فالعادات والتقاليد هي التى اخترعت مسمى العنوسة وهي التى ربطته بسن الثلاثين، ما أدى إلى رعب البنات وذعر الأهالي منه، التربية كان لها دور كبير في تكوين هذه الهواجس، حيث إنها كانت تدعم داخل كل بنت أنها مهما حققت من طموحات فإنها في النهاية مصيرها محتوم بالزواج والتفرغ للأبناء، الأسئلة الفضولية من العالم المحيط بالفتاة عن أسباب عدم زواجها حتى الآن وكأنها هي التى تستطيع أن تزوج نفسها وليس النصيب.
 
الأعمال الدرامية رغم أنها الجهة المنوطة لتصحيح المفاهيم الخاطئة، إلا أنها رسخت مفهوم العنوسة داخل أعمالها، مثال على ذلك مسلسل "عايزة اتجوز" الذي ظهرت فيه الفنانة هند صبري طبيبة صيدلانية تبحث عن العريس قبل أن تتخطى سن الثلاثين، وتغافل العمل الدرامي عن دورها الوظيفي وشهادتها الجامعية وأكد فكرة أن هذا العمر بالنسبة للمرأة معيب خاصة إذا إن كانت لم تتزوج.

كل هذه العوامل جعلت البنت ترتعب، فقد تلقي بنفسها في زيجة غير متكافئة اجتماعيًا وعلميًا من أجل الهروب من لفظ عانس وتجنب الأسئلة الملحة والمتكررة بشأن تأخر الزواج وأسبابه، فالمجتمع قد يتقبل فكرة أن تسيء الاختيار في شريك حياتها والذى قد يؤدي بها في نهاية المطاف إلى الطلاق، بينما ينتقدها وقد يسيء إلى سمعتها حال رفضها الزواج من شخص غير مناسب لها من وجهة نظرها.

الثلاثون هو مجرد رقم حتمًا ستمر به كل فتاة شاءت أم أبت، تزوجت قبل هذا السن أم لم تتزوج، فالمرأة كيان مستقل لن يزدها الزواج قوة ولن يقلل عدمه من كرامتها، فهي إنسانة لها حقوق ولديها طموحات تسعى لتحقيقها وترغب فى رؤية إنجازاتها، عليها أن تجهض الأفكار المغلوطة وتحارب العادات والتقاليد العقيمة وتحرر نفسها من المفاهيم التى اختزلت البنت في الفستان الأبيض وفارس الأحلام.