الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المرأة وحرب أكتوبر


كانت ولا زالت المرأة المصرية حصنا منيعا لمصر وقت الأزمات وايضا في مراحل التنمية والبناء فكانت على مر العصور نموذجا يشرف كل نساء العالم فنجدها وقت الحرب جندي يضحي بحياته فداء للوطن فكم من أم فقدت أبناءها في الحروب وكم من زوجة ترملت وقت الحروب والأزمات ولعل ذكريات حرب أكتوبر المجيد ونحن علي مشارف ذكرى أكتوبر العظيم فقد عاشت مصر فترة صعبه جدا بعد حرب ٦٧ هذه الفترة التي كانت تعد من عصور الظلام ظلت فيه مصر حزينة بسبب الهجوم الإسرائيلي عليها واحتلالها لأجزاء كبيرة من شبه جزيرة سيناء ثم عقب ذلك فترة حرب الاستنزاف التي بدأت فيها مصر برد الفعل وشن العديد من المناورات والغارات علي إسرائيل في محاولة منها لتضميد جروح ٦٧ وبدأت مرحلة إعداد النفس والتدريبات العسكرية والتأهب للضربة العسكرية القوية واتخاذ قرار إعلان الحرب علي العدوان الإسرائيلي الغاشم أنه السادس من أكتوبر عام ٧٣ . لم أكن وقتها في تعداد المواليد وكنت في عالم الغيب لكنني سأروي لكم دور المرأة المصرية وقت ملحمة أكتوبر العظيمة من خلال شخصية والدتي العظيمة التي تحملت الكثير في تلك الفترة وكيف كانت دائما لوالدي رحمه الله رجل الجيش المصري الذي شارك في حروب عدة أهمها هي حرب أكتوبر . فمما لا شك فيه أن المرأة المصرية هي عصب أي أسرة وهي الداعم الأساسي في السلم والحرب ليس فقط لعائلتها بل ولوطنها أيضا . عندما سألت امي عن تلك الفترة الصعبة والفارقة في حياتها وكيان مصر جميعا وعند سماع اعلان الحرب علي إسرائيل. 

قالت لي إنه كان أصعب خبر سمعته في حياتها علي الإطلاق بالرغم انها عاصرت حرب ٦٧ الا ان اعلان الحرب مرة أخرى علي إسرائيل كان أمرا صعبا وليس سهلا خاصة وأن زوجها ووالدي الحبيب سيشارك في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ مصر شعور بالخوف ممزوج بأمل في النصر وايضا إحساس بمسؤولية كبرى في حال استشهاد والدي في تلك الحرب . روت لي أمي مشاعرها التي كنت أتلمسها جيدا في كل كلمة. 

وجاءت ساعة السفر وتغيب أبي عن البيت ليترك زوجته وأولاده كي يؤدي واجب الوطن وكان والدي في سلاح المركبات والهندسية التي اختصت ببناء الكوبري الذي أدي إلي العبور لثغرة الدفرسوار . 

ذهب والدي وكل رجال الجيش المصري ليدافعون عن مصر وعن أرضها وعرضها وظلت امي بعدها لاتعرف عنه شيئا وانقطعت كل الأخبار . وكان هنا دورها كانت تذهب هي وصديقاتها متطوعة في مستشفيات مصر للتبرع بالدم لإسعاف المصابين من جنود مصر . 

وعندما سألتها لماذا لم تظل وقتها بالبيت لأن خروجك به خطر كبير اجابتني بكلمة مفيش اغلى من الوطن . واستأنفت الحديث قائلة إن المجموعات النسائية في الدفاع المدني والتمريض لا يقل دورهن عن الجنود علي الجبهة لأنه دور وطني لابد وأن تشارك مصر كلها فيه سواء سيدات ام رجال . 

ذهبت والدتي التدريبات العسكرية أيضا لتتعلم الفنون العسكرية وأيضا لمساعدة الجرحى والمصابين بل أكثر من ذلك حملت المجموعات النسائية المتطوعة المواد الغذائية والمعدات الطبية للوحدات العسكرية القريبة منهن لتقديم الدعم المعنوي والمادي أيضا للجنود ثم كان هناك فريق آخر من المقاومة الشعبية أيضا من النساء والرجال معا فكانت النساء وقتها تؤدي دورها في الإسعافات الأولية للجرحي والمصابين هكذا كانت امي وزميلاتها مثالا يحتذي به لحب الوطن . إلي أن جاءها خطاب من والدي رحمه الله بأنهم عبروا القناة وفي طريقهم لتحطيم خط بارليف وكان ابي في مقدمة الصفوف التي عبرت هذا الخط الحصين . الذي نسجته إسرائيل من وحي خيالها واطلقت عليه الخط المنيع تحطم علي أيدي رجال قواتنا المسلحة بمضخات المياه . يالها من بادرة أمل لاحت في الأفق لتعلن عن النصر . 

وقتها قاطعت امي بالحديث هل كنت واثقه من النصر ؟ أجابتني نعم كنت واثقه لأن مصر وقت حرب ٦٧ عاشت فترة صعبة جدا ورجال الجيش المصري عقدوا العزم علي رد الثأر للشهداء والأرض المصرية . وسألتها هل كان عندك أمل بأن يعود أبي من الحرب سالما .؟ دمعت عيناها وقالت إنها كانت تموت في اليوم ألف مرة عندما تسمع باستشهاد أحد الضباط والجنود من اقاربنا إلي أن قدر الله بنصر مصر في هذه الحرب وعودة أبي لنا سالما . 

هكذا كانت أمي فقط مثالا من ضمن نماذج عدة للسيدات المصريات اللواتي قدمن الكثير والكثير من التضحيات في حب الوطن فكم من أم حرمت من ولدها وكم من زوجة ترملت وكم من فتاة تيتمت . لتصبح في النهاية المرأة المصريه هي الداعمة للوطن في الحرب والسلام لتحظي السيدة المصرية بشرف التمسك بالأرض والعرض ولم تبخل ابدا علي مصر سواء بالجهد أو بالأبناء والأزواج ولا الدماء التي اريقت من استشهاد السيدات اللواتي خرجن في مهمات استطلاعية استكشافية ........ انها المرأة المصريه التي كانت وما زالت حصنا كبيرا ونبراسا وتاج علي روؤس كل النساء . ولم يقتصر دور المرأة المصرية في وقت الحرب بينما امتد إلى مراحل البناء والنهضة في شتي المجالات فأصبحت والمهندسة والطبيبة والمحامية وغيرها من الكوادر العظيمة التي خرجت من نبت أرض مصر وكن مناضلات قويات يدعمن وطنهن وقت الازمه والرخاء.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط