الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بغداد وكردستان وهَلُمَّ جرَّ!!


اتهمت الحكومة العراقية سلطات إقليم كردستان بإدخال مقاتلي "حزب العمال الكردستاني" التركي إلى مدينة كركوك، معتبرًا هذا التصرف تصعيدًا خطيرًا و"إعلان حرب".

وحذر المجلس الوزاري للأمن الوطني، برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي، في بيان من تحشيد عناصر مسلحة خارج المنظومة الأمنية النظامية في كركوك من أحزاب لا تنتمي إلى كركوك وإقحام قوات غير نظامية، بعضها ينتمي إلى منظمة pkk التركية.

كما حذر من التصعيد الخطير والاستفزازات التي تقوم بها قوات تابعة إلى كردستان خارج حدود الإقليم، مضيفًا أنها تريد جر البلاد إلى اقتتال داخلي من "أجل تحقيق هدفها في تفكيك العراق والمنطقة بغية إنشاء دولة على أساس عرقي".

وأكد البيان على أن المناطق المتنازع عليها ستدار من قبل القوات الاتحادية والقوات المحلية تحت قيادة السلطة الاتحادية.

من جهته، نفى هيمن هورامي مساعد رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني على "تويتر" وجود مسلحي حزب العمال الكردستاني في كركوك.

في الحقيقة، يمرّ إقليم كردستان بمنعطف مصيري هو الأهم في تاريخه حتى اللحظة، حيث قرّرت الأحزاب الكردية إجراء استفتاء شعبي بخصوص الاستقلال عن العراق، في الخامس والعشرين من سبتمبر الحالي، بهدف تشكيل دولة مستقلّة.

ووجدت القوى السياسية الكردية أن ظروف العراق المتردّية بسبب حربه على تنظيم الدولة، والضعف الذي يعانيه بسبب المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية، ملائمة لتحقيق حلم الدولة الكردية، ولا سيما بعد الأحداث الأخيرة التي انشغلت بها القوات العراقية بمعارك استنزاف على جبهات متعدّدة، فضلًا عن الدور الكبير الذي أدّته قوات البيشمركة في المعارك، وسيطرتها على مناطق النزاع مع الحكومة المركزية، وتشكيل واقع جديد يفرض سيطرة الإقليم إداريًا على هذه المناطق.

لكن أتت الرياح بما لا تشتهيه الأنفس، حيث لم يمر الاستفتاء بسلاسة، لأن الأمر المؤكّد أن الخطوة ولَّدت زوبعة سياسية بدأت نذرها من لحظة الإعلان عن الاستفتاء، إلى جانب أن له آثار اقتصادية على العراق عمومًا، وإقليم كردستان خصوصًا، وبما يشكّله النفط من عمود فقري لذلك القطاع.

والعلاقة بين أربيل والحكومة المركزية العراقية مرّت مؤخرًا بفترات حرجة سياسيًا واقتصاديًا، لا سيما بعد أن امتنعت بغداد عن دفع رواتب موظفي الإقليم، ورفضها أيضًا دفع نسبة الـ 17% من عائدات النفط المخصصة بموجب الدستور لإقليم كردستان، وكذلك تقليص حصّتها من الميزانية العامة للدولة، بسبب تشييد كردستان خط أنابيب يصل إلى تركيا، سعيًا لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.

ويبلغ حجم الاقتصاد العراقي مجملًا نحو 223 مليار دولار، ويعتمد اعتمادًا كليًا على القطاع النفطي، حيث يكوّن 95% من إجمالي دخل العراق.

وبلغت الميزانية الفيدرالية العراقية عام 2016 نحو 90 مليار دولار، بعجز يُقدّر بـ 21 مليارًا، بناء على تقدير الموازنة أنها ستصدّر 3.6 ملايين برميل نفط يوميًا بسعر 45 دولارًا للبرميل.

الجدير بالذكر أن حكومة الإقليم دائمًا ما كانت تخلّ بالاتفاقيات التي تُوقّع في بداية كل موازنة جديدة تقرّها الحكومة المركزية بشأن تصدير النفط، والتي تنص على وجوب قيام حكومة إقليم كردستان بتصدير 550 ألف برميل نفط يوميًا، منها 300 ألف برميل من حقول كركوك، و550 ألف برميل يوميًا من حقول كردستان، ومن ثمَّ، الإقليم يُصدّر من دون تحويل الإيرادات النفطية إلى خزينة الدولة.

إذن، الآثار السلبية ستكون على حكومة الإقليم أكثر منها على العراق نفسه، لقيام بغداد بقطع التزاماتها تجاه الإقليم، ولا سيما الـ 17% من ميزانية الدولة.

في حين أن الآثار السلبية على العراق من الممكن أن تتركّز على النزاعات التي ستنشب بين الطرفين على المناطق المتنازع عليها في نينوى والموصل وديالى وكركوك الغنية بالنفط، والتي لن تتنازل عنها الحكومة المركزية مهما كلّف الأمر.

يُذكر أن التصعيد الخطير والاستفزازات التي تقوم بها قوات تابعة إلى إقليم كردستان خارج حدود الإقليم، تريد جر البلاد إلى احتراب داخلي من أجل تحقيق هدفها في تفكيك العراق والمنطقة من أجل إنشاء دولة على أساس عرقي.

من كل قلبي: على الإقليم، التروي ومراعاة الدقة لما يحيق به من مشاكل على كافة الأصعدة، ولا يفرح بكلمات رنانة من دول بعينها (إسرائيل) تشجعه على الانفصال، فهذه الخطوة ستفتح أبوابًا لن تُسَد أمام الإقليم والصراع بينه وبين بغداد لن ينتهي بل سيزيد وربما دون نهاية!!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط